للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقرر نيتشه أنه ليس بعد الموت شيء، وبين هذا القول ومذهب القوة قرر أن الانتحار مظهر من مظاهر القوة ويسميه الموت الإراديّ، غير أنه لم يطبق هذا المبدأ على نفسه رغم كثرة علله وأمراضه، حتى وصل إلى الجنون ولم ينتحر.

وبناء على هذا الخليط المشوش من الأفكار نادى بتحطيم القيم التقليدية وهدم المذاهب الأخلاقية والدينية والفلسفية، وإيجاد قيم جديدة (١) للوصول إلى خلق الإنسان الأعلى "السوبرمان".

ودعا الإنسان في الأخلاق الجديدة التي أرادها ليكون فوق كل قيمة وكل قانون وفوق ما يسمى الخير والشر؛ لأن مهمته الرئيسية هو أن يكون خالقًا للقيم التي يريد، واضعًا ما يشاء من الأخلاق والسياسة والنظم والمعتقدات (٢)، وأساس كل مزاعمه هذه إعلانه الإلحاديّ الكافر بأن اللَّه مات -تعالى اللَّه عما يقول الكافرون علوًا كبيرًا- وأعلن نفسه إلهًا وربًا (٣)، حتى وصل إلى الجنون ومات كذلك (٤).

ويعتبر نيتشه في أفكاره هذه وغيرها قدوة للحداثيين وأستاذًا كبيرًا وفيلسوفًا عظيمًا عندهم.

١٢ - سبنسر - هربرت (١٢٣٥ - ١٣٢٠ هـ/ ١٨٢٠ - ١٩٠٣ م): فيلسوف إنجليزيّ ملحد، يقولون عنه بأنه أعظم فيلسوف إنجليزي في القرن التاسع عشر، وفاخرت به إنجلترا ورفعته إلى مرتبة العبقريّ القويّ ورأت فيه أوروبا واحدًا من عظماء ذلك القرن.


(١) و (٢) سوف يأخذ هذا المبدأ الهدام دعاة الحداثة وينادون به ويدعون إليه وهو ما سوف نراه في الفصل المختص بالأخلاق من هذا البحث.
(٣) وهذا مبدأ أخذته الحداثة ودعت إليه ونادت به كما سوف يأتي.
(٤) انظر ترجمته في: موسوعة أعلام الفلسفة ٢/ ٥١٢ - ٥١٥، ومعجم الفلاسفة: ص ٦٢٥ - ٦٢٨، والموسوعة الفلسفية للحفني: ص ٤٨٩ - ٤٩١، وكواشف زيوف: ص ٤٤٢ - ٤٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>