للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحب الوطن) (١).

قد يقال بأن دنقل لا يريد ابن نوح وإنّما استعار ذلك للتعبير عن فكرة معينة، فكرة حماية الأوطان والاستهانة بالمصاعب في سبيلها، ونحو ذلك مما قد تدل عليه هذه القصيدة، ولست متحدثًا عن هذا المطالب، وإنّما الكلام هنا: لماذا اختار ابن نوح، العمل غير الصالح، ليكون رمزًا للوطنية والفداء، وجعل نوحًا عليه السلام ومن معه في السفينة رمزًا للخيانة والغباء والجبن؟، إن الدلالة الواضحة من استعارة هذه القصة وتوظيفها هي أن المنطلق الذي يسير منه أصحاب هذا الاتجاه هو الرفض للدين والرسل وتعاليمهم؛ لأنها تعني عندهم التخلف والرجعية، في حين أن الرافضين للرسل وتعاليمهم مثل ابن نوح يعتبرون هم رموز العقلانية والمعرفة والوطنية والثبات!!.

وهنا نبذ من كتاب يقع في "٢٤٤" صفحة مخصصة لدراسة هذه القصيدة، وعنوان الكتاب هو "في البحث عن لؤلؤة المستحيل، دراسة لقصيدة أمل دنقل: مقابلة خاصة مع ابن نوح" (٢)، يقول فيه مؤلفه: (إذا عدنا إلى قصيدة مقابلة خاصة مع ابن نوح وجدنا أن التهكم والمفارقة قد بدأت خاصة بالواقع الخارجي في الجزء الأول من القصيدة، ولكنه انتقل إلى الداخل إلى انقسام الذات الشاعرة في الجزء الثاني والثالث، معبرًا عن أزمة اغتراب حادة تشكك في القيم الأساسية لدى الشاعر) (٣).

ويؤكد هذا المؤلف الحداثي أن أمل دنقل قد اقتبس هذه القصيدة من التوراة ومن القرآن، وأن ذلك تم بناء على التفاتة من دنقل عن التراث الإغريقي والفرعوني إلى التراث العربي باعتباره التراث الوحيد الحي في


(١) المصدر السابق: ص ٣٩٦.
(٢) مؤلفه هو د/ سيد البحراوي، وهي حلقات دراسية قام بتدريسها في كلية الآداب جامعة القاهرة. انظر: ص ٣٤ من الكتاب نفسه.
(٣) في البحث عن لؤلؤة المستحيل: ص ١٧٠، وعن التهكم في هذه القصيدة انظر: ص ١٢٠، ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>