وبعد أن ضحك وضحك السلطان، قال عبد اللَّه البخيت بصوت متآمر:
- أحسن شيء، يا طويل العمر، أن الواحد ما يقترب من الأنبياء، لأن هذولي يشوّرون، ولا يحتملون كلمة زايدة أو كلمة ناقصة!
- القول قولك يا بو بادي!
أمّا السبب الثاني الذي دعا السلطان لأن يكون عبد اللَّه البخيت مع فنر، فهو عمير، إذ يريده أن يخرج عمير من رأس فنر نهائيًا.
قال له يوصيه:
- هذا ابني، يا عبد اللَّه، اريده يكون سلطان، ما اريده ينتهي:
قال اللَّه وقال رسوله، يلزم يعرف شنهو اللي قاله اللَّه والرسول
لكن عنده ألف قضية وقضية غير هذي، وتنفس وصمت، وبعد فترة:
- ترى عمير وأمثاله يخربون ديرة، ويحوسون عشيرة وحجتهم:
قال اللَّه وقال رسوله، وحنا بهذا الزمان نعرف دربنا، ما نريد عمير وأمثاله يحكمونا، ولا نريدهم يسوونا مثل الكدش: البراقع حول عيوننا ويقولون امشوا) (١).
في هذا الحوار يتبين لنا استهانة المؤلف بالأنبياء والسخرية القذرة بهم، ثم التعقيب على ذلك بالدعوة إلى العلمانية والهروب من سلطة الدين ومن العلماء المسلمين وتأثيرهم.
ومن هذا القبيل أيضًا قوله على لسان إحدى شخصيات روايته:
(إذا لم يبك الأطفال من الجوع والألم، فلابد أن تكون عندهم أسبابهم
وبعد قليل وبسخرية:
(١) مدن الملح ٣ - تقاسيم الليل والنهار: ص ٢٥٦ - ٢٥٧.