للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبدأ الإمامة، فيجب على الشيعي أن يعرف إمام عصره وأن يؤمن بإمامته، وبكل ما هو معروف عندهم من صفات الإمامة، وفي مقدمتها العصمة، وأن يخلص له وينقاد لأمره، والإمامة عندهم ركن أساسي من أركان الدين، بل هي الركن الأول الذي تبطل ببطلانه بقية الأركان، والباطنية يغلون في ذلك غلوًا يخرجهم عن الإسلام إلى الشرك، فالإمام عندهم له صفات الرسل، بل له الصفات التي ثبت عند المسلمين أنها من صفات اللَّه الحسنى.

ومن هذا المنزع أخذ أدونيس هذه الادعاءات الباطلة وحاول ترويجها من خلال الأدب المعاصر والشعر الحديث.

وقد حاول في تأصيل الأصول وهو الجزء الثاني من الثابت والمتحول أن يربط هذه القضية بثلة من الملاحدة والزنادقة ولم يذكر منهم من أهل ملته النصيرية أحدًا، إمعانًا في التمويه والهروب والتقية، فأتى بابن الراوندي وابن المقفع والرازي الملحد، غير أنه في القسم الثاني من "تأصيل الأصول" والذي أطلق عليه تأصيل الإبداع والتحول، جاء بالظاهر والباطن والتصوف والباطنية في صيغ من الامتداح والتبجيل جاعلًا من كل ذلك أساسًا للإبداع الحداثي والتحول والتجديد، مستخرجًا من المضامين الصوفية الاتحادية والشيعة الباطنية أصلًا للحداثة، ومن ذلك أخذه مفاهيم الفناء والكشف والغور والباطن ووحدة الوجود والشهود، وغير ذلك من مصطلحات أهل التصوف الإلحادي، وخاصة ابن عربي الذي استشهد بقوله المتضمن أن الصوفي أعظم من النبي (١)، واسترسل مع هذا الأصل الباطل وطرده في مواضع عديدة، كقوله عن الوجوديين والحداثيين وموقفهم من اللغة وصمود اللغة أمامهم وأن ذلك يشكل أزمة سببها (غياب أو انعدام الأنبياء أو السحرة الجدد الذين يستطيعون أن ينفضوا عنها رمادها، ويبعثوها متوهجة كشمس الصباح) (٢).

وهو متأثر في ذلك بنشأته النصيرية الباطنية، وبدراسته الغربية وتلقيه لمذاهب الغرب، التي حكى عن بعض روادها قائلًا: (وأعمق ما في


(١) انظر: الثابت والمتحول ٢ - تأصيل الأصول: ص ٩٦ - ٩٩.
(٢) زمن الشعر: ص ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>