للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكذبُ ما أذللتُهُ بهجائه … لقد كان من قبل الهجاء ذليلًا) (١)

ولم يقتصر هذا الضرب من الضلال، وهذا الادعاء الكاذب على أدونيس -وإن أكثر منه- بل معه غيره من الحداثيين في هذا النفق المظلم، ذلك أنهم ارتضعوا ذلك عمن سبق ذكرهم.

فها هو باروت يضع عنوانًا في كتابه "الحداثة الأولى" عن "الشاعر الحداثي كنبي وضحية" في سياق حديثه عن تجربة مجلة شعر فيقول: (. . . المثل الجمالية في "شعر" هي مثل ميتافيزيقية تغور في الغصات والمشكلات الكيانية للذات ككائن مفرد، فتكتشفه كنبي وضحية في الآن ذاته، "يحيا مصلوبًا فوق الخيط الذي يصل بين سيزيف والمسيح" كما يعبر أدونيس عن الكائن الميتافيزيقي) (٢).

ثم يتحدث عن أحد كبار عصابة شعر، وهو النصراني أنسي الحاج، فيقول: (والواقع أن أنسي الحاج لا ينظر إلى الشاعر إلّا كنبي ملحون "الشاعر الحر هو النبي، العراف، الإله، الشاعر الحر المطلق". . . أراد أنسي الحاج في "لن" أن يكون شاعرًا مارقًا، ملعونًا، منحطًا، أن يستوحي تلك الأخلاقية المخيفة عند "بوفى لير" و"الشعراء الملعونين" و"المنحطين" وأن ييحث عن الشعر في هول العيب، إذ أن توق أنسي الحاج ينصب على تحقيق "لذة اللعنة". . . وهو يستمني، ويصل إلى لذة لعنته بالتحلل من القيم والمروق عليها) (٣).

ثم ساق كلامًا لأنسي الحاج في ديوانه "لن" يصف فيه عملية استمناء قام بها في المرحاض، ثم أعقب ذلك بتلخيص مهم لديوان "لن" ووصفه من خلال مقطوعة بعنوان "الملعون": (من هنا فـ "الملعون" في شعر الحاج،


(١) ديوان أبي الطيب المتنبي: ص ٢٣٣.
(٢) الحداثة الأولى: ص ٧٣.
(٣) المصدر السابق: ص ٩٠. وما بين الأقواس الداخلية من كلام أنسي الحاج.

<<  <  ج: ص:  >  >>