للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو إنسان قلق، مجنون، باض، متمرد، فضائحي، منحط، معزول، مارق، لا قيمي، ومريض كبير) (١).

ومع هذه الأوصاف الدقيقة في رداءة هذا وأمثاله، يسميه نبيًا، ويطلق على شعره نبوة، وهو غير جدير بأن يساوي بأحد الفجار من المسلمين، فضلًا عن أتقيائهم، فضلًا عن الأنبياء الأخيار والرسل الأبرار.

قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦)} (٢).

وقال -جلَّ وعلا-: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٢٠) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٢١)} (٣).

ويواصل باروت في وصفه للمضامين والرؤى الاعتقادية لدى عصبة شعر الذين اعتمدوا على الرموز الوثنية والنصرانية، وعندهم أن (الرمز التموزي الذي يحدسه الشاعر ينهض. . . بوصفه نبيًا وضحية في آن واحد، نبيًا للجماعة، وضحية افتدائية لها) (٤).

أمَّا الرموز النصرانية فتظهر من خلال تصورهم في الحقل الاجتماعي أنه (يدنو الشاعر النبي المخلص المسيح من درجة كبش التضحية لكي تخضب الجماعة بدمه) (٥).

وهذه الحركة لم تخرج عن الإطار الذي وضعه أنطون سعادة حيث (تتأسس أصولها على: "الصراع الفكري في الأدب السوري" لأنطون سعادة، إذ ترى أن العودة إلى هذا الرمز، هي عودة إلى "المعمقدات الشعبية" لـ "الأمة".

. . . وهذه العودة بقدر ما تقارب "صوت النبوة" في معتقداتها، بقدر


(١) المصدر السابق: ص ٩١.
(٢) الآيتان ٣٥، ٣٦ من سورة القلم.
(٣) الآيتان ٢٠، ٢١ من سورة الجاثية.
(٤) المصدر السابق: ص ٩٤.
(٥) المصدر السابق: ص ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>