للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبوة هو الذي يعرف كل شيء ولا يعرف، هو الذي يقول، ولا يقول هو الذي لا يكون في العالم رغم أنه موجود فيه، هو الذي يكشف لنا أكثر الحقائق قوة دون أن يكون تأكدًا منها) (١).

وهذا البيان لمجلة الشعر العراقية قد يظهر أصحابه في خط مقابل لخط مجلة شعر اللبنانية من حيث المضمون القومي والهوية القومية، لكنهم من حيث المضمون الحداثي لا يبتعدون عن بعضهم كثيرًا، وأوضح دليل على ذلك اشتراكهم في إطلاق اسم النبوة والنبي على الشعراء الحداثيين.

ومن طلائع الشر الحداثي في هذا "جبران خليل جبران" الذي سبق ذكر مدى اعتماد أدونيس عليه وأخذه منه واتكائه على أفكاره وعقائده الضالة.

ولم يكن أدونيس وحده في هذا بل: (يُمكن القول أن جبران كان الخميرة الأولى لمعنى الحداثة الشعرية الذي انضجته حركة مجلة شعر) (٢).

وكان جبران النصراني كما كان أنطون سعادة النصراني يريان في نفسيهما ويزعمان النبوة والاتصاف بدرجات النبي، وسقيا بأقوالهما هذا من جاء بعدهما ولاسيما النصارى والباطنيين الحداثيين الذين لديهم في عقائدهم الأصلية الجذور القابلة لمثل هذا الضلال وغيره، وكان ميخائيل نعيمة من أوائل الذين أطلقوا وصف النبوة على الشاعر، ففي كتابه الغربال يقول: (الشاعر نبي وفيلسوف ومصور وموسيقي وكاهن، نبي لأنه يرى بعينه الروحية ما لا يراه البشر) (٣).

أمَّا جبران فكان من أهم القضايا التي طرحها بل كان أول من طرحها -حسب قول باروت- هي جعل الشعر العربي المعاصر شعر رؤيا


(١) مجلة الشعر ٦٩ - العدد الأول السنة الأولى أيار ١٩٦٩ م/ ١٣٨٨ هـ: ص ٦٩، ووقع على هذا البيان فاضل الغزاوي وسامي مهدي وفوزي كريم وخالد علي مصطفى.
(٢) المصدر السابق: ص ١٧٧.
(٣) انظر: هذا النص في مختارات جمعها باروت على شكل وثائق في قضايا وشهادات ٣/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>