للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧)} (١).

ولكي نتبين الفرق في قضية الزمن والحياة بين المنظور الإيماني والمنظور الجاهلي ننقل قول سيد قطب -رحمه اللَّه تعالى- في هذه القضية حيث قال: (وقضية البعث والحساب والجزاء في الدار الآخرة من قضايا العقيدة الأساسية التي جاء بها الإسلام، والتي يقوم عليها بناء هذه العقيدة بعد قضية وحدانية الألوهية، والتي لا يقوم هذا الدين -عقيدة وتصورًا وخلقًا وسلوكًا وشريعة ونظامًا- إلّا عليها وبها. . .

فالحياة -في التصور الإسلامي- ليست هي هذه الفترة القصيرة التي تمثل عمر الفرد، وليس هي هذه الفترة المحدودة التي تمثل عمر الأمة من الناس، كما أنها ليست هي هذه الفترة المشهودة التي تمثل عمر البشرية في هذه الحياة الدنيا.

إن الحياة -في التصور الإسلامي- تمتد طولًا في الزمان وتمتد عرضًا في الآفاق، وتمتد عمقًا في العوالم، وتمتد تنوعًا في الحقيقة عن تلك الفترة التي يراها ويظنها ويتذوقها من يغفلون الحياة الآخرة من حسابهم ولا يؤمنون بها.

إن الحياة -في التصور الإسلامي- تمتد في الزمان، فتشمل هذه الفترة المشهودة -فترة الحياة الدنيا- وفترة الحياة الأخرى التي لا يعلم مداها إلّا اللَّه، والتي تعد فترة الحياة الدنيا بالقياس إليها ساعة من نهار، وتمتد في المكان، فتضيف إلى هذه الأرض التي يعيش عليها البشر، دارًا أخرى: جنة عرضها كعرض السموات والأرض، ونارًا تسع الكثرة من جميع الأجيال التي عمرت وجه الأرض ملايين الملايين من السنين.

وتمتد في العوالم، فتشمل هذا الوجود إلى وجود مغيب لا يعلم حقيقته كلها إلّا اللَّه، ولا نعلم نحن عنه إلّا ما أخبرنا به اللَّه، وجود يبدأ


(١) الآيات ٢٣ - ٢٧ من سورة الجاثية.

<<  <  ج: ص:  >  >>