للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يصف الانخطاف السورياليّ عند بعض السورياليين أسياده وأساتذته يقول: (. . . ففي النشوة ينعدم كل شيء حتى اللَّه) (١).

وفي غمرة الانبهار بالغرب والتبعية لأطروحاته العقيدية والفكرية تجد الأقاويل الفاسدة الباطلة تتسلل في ثياب زائفة مرة باسم الموضوعية ومرة باسم النقاش الحر، ويدخلون في ذلك كل شيء، ويخضعون مسألة وجود اللَّه تعالى وربوبيته وألوهيته لمناقشاتهم السوفسطائية، بل ويعدون تحرز المسلم من الخوض في مستنقعاتهم الفكرية تخلفًا وجمودًا وأصولية كما يحلو لمحمد أركون (٢) أن يعبر تبعًا لتعبيرات معلميه في فرنسا وغيرها، ففي سياق انتقاده للغة العربية ووصفه لها بأنها منغلقة ونائمة ومتخشبة، وامتداحه للغة وفكر الغرب يتساءل بعد إيراده للفظ فرنسي إلحاديّ يقول: (. . . فكيف نعبر عنه باللغة العربية؟ هل نقول: مشكل اللَّه أو مشكلة اللَّه. . .) (٣).

ثم يعقب بأن هذا التعبير يقابل بالاندهاش والاستنكار عند العرب في حين أنه تعبير عاديّ في اللغة الأوروبية الحديثة (٤).

فمن التبعية المطلقة للغرب فكرًا ولغة وعقيدة يتجرجر هذا التعيس في أودية الإلحاد ولا يكتفي بذلك بل يريد أن يعممه على مستوى الأمة التي ارتبطت لغتها بدينها وتشابكت حياتها مع عقيدتها، وتواصلت ممارساتها بشريعتها؛ ولذلك يقول عن اللَّه تعالى بأنه مشكلة، ويعتبر عدم خوضهم في


(١) الصوفية والسوريالية: ص ٥٥.
(٢) ولد محمد أركون في منطقة القبائل في الجزائر، يقال أنه يهودي الأصل، وأنه كان يعرف بعركون، درس في السوربون وأصبح أستاذًا فيها بعد نيله الدكتوراه منها، له كتب عديدة تنضح ببغضاء شديدة ضد اللغة العربية التي ينادي بتفجيرها، ويرى أن اللَّه تعالى وتقدس مشكلة، ويسخر من المؤمنين بأن اللَّه خالق العالم يستخدم مصطلح التاريخية والتاريخانية بتقديس كامل، ويمجد كل معارض للإسلام مشكك فيه من مسكويه والتوحيديّ حتى خلف اللَّه، وينتقد من يثني على شيء في الإسلام مثل نقده لموريس بوكاي، وبالجملة فهو من عتاة أعداء الإسلام وممن تولى كبر المحاربة له. انظر: الإسلام والحداثة: ص ٤١٨، ورأيهم في الإسلام: ص ١٤٥.
(٣) الإسلام والحداثة: ص ٣٤٣.
(٤) انظر: المصدر السابق: ص ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>