للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنهجيّ بين الصوفية والسوريالية (. . . فالمنهج واحد وفي تطبيق هذا المنهج مشابهات كثيرة تدفع إلى القول بأن السوريالية صوفية وثنية أو بلا إله، وغايتها التماهي مع المطلق، وبأن الصوفية سوريالية تقوم على البحث عن المطلق والتماهي هي أيضًا معه) (١).

ثم يتحدث عن الوحدة العميقة بين الصوفية والسوريالية، ويؤكد أن الحقيقة لديهم: (لا تجنى من خارج، من الكتاب أو الشرع أو القانون أو الأفكار والتعاليم وإنّما تجيء من داخل من التجربة الحية من الحب من التواصل الحي مع الأشياء والكون ويتجلى له أن الإنسان طاش أبدًا إلى أن يجسد ويتجسد).

ثم يعقب ذلك بكلام يشكك به في وجود اللَّه تعالى، فيقول: (ويوقن أن اللَّه إن كان خارج الوجود ولا اتصال له بالوجود إلّا اتصال التكوين والهيمنة فإن هذا العالم لن يكون أكثر من كرة من الغبار لا يستحق أن يوجد، ولا يستحق بالأحرى أن يعيش فيه هذا الكائن العظيم: الإنسان، وسيكون هذا المخلوق مع ذلك أكثر أهمية من الخالق. . .) (٢).

فقد بدأ بوحدة الوجود - بالمفهوم الغربيّ الإلحاديّ المتضمن لنفي وجود اللَّه تعالى، ثم انثنى يشكك ويقولى كأنه يتنزل مع خصومه تنزلًا: (إن اللَّه إن كان خارج الوجود) ثم عقب بعد كل ذلك بأن المخلوق أكثر أهمية من الخالق، وهذا الرجل له في سوق الحداثة قدم راسخ، وله بيق أتباعها كلمة مسموعة، وراية متبوعة، وحتى الذين يدعون أنهم لم يكفروا ولم يلحدوا في حداثتهم يتخذونه إمامًا ومتبوعًا فبئس التابع والمتبوع.

هذا العدو اللدود لدين الإسلام يسعى جاهدًا لهدم كل أسسه بدءًا بتوحيد الربوبية وإثبات وجود اللَّه، وقد مر معنا من قبل امتداحه لجبران خليل جبران في إلحاده ويصفه بأنه قد "قتل اللَّه" تعالى اللَّه وتقدس، ثم يكرر هذا المعنى الإلحاديّ في موضع آخر من كتابه الصوفية والسوريالية


(١) الصوفية والسوريالية: ص ١٦.
(٢) المصدر السابق: ص ١٦ - ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>