وقيل: هذه نار ضربت بالبحر مرتين لولا ذلك لم تكن فيها منفعة لأحد
وسمعت من يقول: خلص اللبن من الماء ثم غاب صوته كأنه يسد
ثقبًا في جرم الكون رأيت شخصًا خارجًا من النار يجر لحمه كما تجر المرأة
ثوبها رأيت سحابة تنادي أهلها:
- ماذا تطلبون؟
- ماءً ماءً
لكن السحابة تمطرهم سلاسل وجمرًا وقيل: لهؤلاء طعام لا يدخل
المعدة لا يعود إلى الفم يبقى بين الحلقوم والمعدة
ورأيت سجنًا يقال له موسى وقيل بولس وقيل مصطفى
فيه أشخاص يبكون تسيل عيونهم جداول رأيت مراكب
تجري فيها) (١).
هذه الصورة التي سردها الباطني الملحد في استخفاف وسخرية بحقائق اليوم الآخر، وذلك حين جعل كل ذلك رقعة من شمس البهلول الذي يجعله رمزًا للدجل والكذب والعته، ثم يختم سياق سخرياته هذه بجعل السجن الذي في النار -كما في سياف افتراءاته- بأسماء ترمز للأديان موسى عن اليهودية، وبولس عن النصرانية، ومصطفى عن الإسلام، وهو بهذا يريد أن يقول بأن الدين سجن منذ أن جاء موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام.
إضافة إلى كل ذلك فإنه ساق هذه المشاهد على أساس أسطوري خلط فيه بين الثابت الصحيح مما جاءت به النصوص، والكذب المفترى مما أنتجته قريحته الجاهلية المنحطة.