للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد في الجنة بعد الموت، بل تثبت حق جميع الناس في جنة إضافية على هذه الأرض) (١).

قال اللَّه تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢١)} (٢).

وأي استخفاف وسخرية بالدين وبعقيدة يوم القيامة أعظم من هذا الافتراء الحداثي الذي يجعل الجنة حقًا لكل أحد مؤمنهم وحداثيهم مسلمهم وعلمانيهم؟!.

قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦)} (٣).

ومن أمثلة سخريتهم باليوم الآخر وما فيه، ما كتبه حداثي مغربي في مجلة الناقد تحت عنوان "من وجوديات يقظان بن حي" وفيه يقول: (يقول اللَّه تعالى لعباده يوم القيامة: ادخلوا يا عبادي الجنة برحمتي واقتسموها بأعمالكم، هذا ما قاله الحسن البصري، والأعمال كما نعلم إنّما هي بالنيات، فما الحكم في حق الذين يأتون الأعمال الشريرة بالنيات الحسنة؟ وهذا هو حالي.

حسب توقعات عراف عصري حصلها من حساب الاحتمالات وأحداث الآلات الحيسوبية: لن أدخل النار، كما أني لن أدخل الجنة بما في الكلمة من معنى وما فيها من فرش مرفوعة وولدان مخلدين وحور وفاكهة كثيرة وأكواب وأباريق وكأس من معين. . لذا فسيملكني ربي إقطاعًا صغيرًا من بضعة أمتار مربعة في زريبة من زرائب الجنة، ولا يهم إن سمعت فيه لغوًا أو تأثيمًا، ذلك لأنني سأكون مشغولًا بما سيكلفني ربي به: أن أرعى عينة من الحشرات المؤمنة الصالحة، متهجزًا بالعبادة والصوم إلى الفوز بدرجة أرقى، كأن أسهر على راحة بعض الدواجن الطاهرة المتعبدة.


(١) الناقد، العدد الأول تموز ١٩٨٨ م/ ١٤٠٨ هـ: ص ١١.
(٢) الآية ٢١ من سورة الأنعام.
(٣) الآيتان ٣٥ - ٣٦ من سورة القلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>