للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمادة، ولا حركة مطلقة لها، وليست فاعلة بحد ذاتها، وليست ذات تطور مطلق.

هذا بالنسبة للتطور المطلق والصلابة الأبدية للعالم حسب قول الحداثي الآنف الذكر، أمَّا وصفه للمؤمن باللَّه واليوم الآخر بأنه إنسان شبحي وينتج نصًا شبحيًا فهو آت على الميزان الجاهلي القديم في السخرية من الذين آمنوا، والشتم المنطلق من قاعدة العجز عن إقامة الدليل ومقارعة الحجة بالحجة (وسيظل المؤمنون ينظرون من علٍ إلى أولئك الهابطين، مهما أوتوا من المتاع والأعراض، على حين يعتقد الهابطون إنهم هم الموهوبون وأن المؤمنين هم المحرمون، فيشفقون عليهم تارة، ويسخرون منهم تارة، وهم أحق بالرثاء والإشفاق) (١).

إن عبارات السخرية والاستهزاء التي يطلقها هؤلاء ليست في حقيقة الأمر إلّا عجزًا يلبس ثوب القدرة، وضعفًا يرتدي رداء القوة، وخوفًا من غلبة الحق يأخذ شكل الاستهانة والتحدي والاستخفاف، وهالة مصطنعة تأتي في ألبسة التقريرات الجوفاء والدعاوى الحمقاء والشتائم الهابطة.

وإلّا لو أردنا أن نعرف الإنسان الشبحي والفكر الشبحي على الحقيقة لوجدنا ذلك شاخصًا في شخصيات الكفار والملاحدة والماديين الذين لا يرون سوى الأشباح، ولا يعيشون إلّا بشبح إنسان، ولا يعرفون سوى شبح هذه الدنيا الزائلة، أمَّا الجوهر والحقيقة والعمق والروح فهم أجهل الناس بها وأبعد الناس عنها {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} (٢).

ومن أمثلة الاستخفاف بعقيدة اليوم الآخر قول الكاذب الليبي المسمى الصادق النيهوم: (. . . الإسلام عقيدة قائمة على حرية العقيدة، لا تنكر حق


(١) في ظلال القرآن ١/ ٢١٥.
(٢) الآية ١٢ من سورة محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>