للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أنماط سخرياتهم واستخفافهم بهذا الركن العظيم إطلاق أسماء القيامة والجنة والنار على غير حقيقتها كقول البياتي:

(كان على بوابة الجحيم "ببكاسو" وكان عازف القيثار في مدريد

لملكات المسرح المغتصبات يرفع الستارة

بعيد للمهرج البكارة

يخبيء السلاح والبذور في الأرض إلى قيامة أخرى وفي منفاه

يموت في المقهى وعيناه إلى بلاد البعيدة) (١).

وقد مرّ معنا من قبل وصف عبد العزيز المقالح للثورة اليمنية بأنها ليل القيامة (٢).

ونحوه قول أحمد دحبور: (كانت الطائرات تصفُّ المدى بموازاة يوم القيامة) (٣).

وخلاصة ما تقدم: أن الحداثيين في عقيدة اليوم الآخر على نقيض ما عليه عقائد أهل الإيمان، فهم يجحدون اليوم الآخر وما وراءه، ويعدون الموت للإنسان فناء لا شيء بعده، أو أن الإنسان يتحول إلى مادة أخرى حسب عقيدة التناسخ، ويقولون بأبدية الدنيا وبعض ما فيها، وهي عقيدة الدهريين، ومن هذه العقيدة أضلوا قاعدتهم المنافية للثبات والمقررة للتطور المستمر والصيرورة الدائمة، وهم مع كل هذه الضلالات يسخرون من عقيدة اليوم الآخر ومن قضايا الآخرة الثابتة في كتاب اللَّه وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وفي تضاعيف هذه العقائد الضالة من الجهالات والأباطيل والانحرافات ما لا يتسع المجال لإحصائه والاستشهاد عليه، قال اللَّه تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ


(١) ديوان البياتي ٢/ ٢٧٧.
(٢) انظر: ديوان المقالح: ص ١١٣.
(٣) ديوان أحمد دحبور: ص ٧٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>