للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الناس منتشر، فإن الوهن ملازم له والخذلان مصاحب لكل أحواله، ولفظ "فتقعد" يصور هيئة المذموم المخذول وقد حط به الخذلان فقعد، ويلقي ظل الضعف، فالقعود هو أضعف هيئات الإنسان وأكثرها استكانة وعجزًا، وهو يلقي كذلك ظل الاستمرار في حالة النبذ والخذلان؛ لأن القعود لا يوحي بالحركة ولا تغير الوضع (١)، ومع أن هذه هي حالة هؤلاء المرتدين، إلّا أنهم من خلال هالات المزاعم والادعاءات الجوفاء يصورون أنهم أصحاب تقدم وحركة وتحديث، وما يخدعون إلّا أنفسهم وما يشعرون.

لقد دنسوا أنفسهم بالكفر والإلحاد، وارتكسوا في الرجس الوثني الذي نهى اللَّه عنه في قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (٢).

والرجس نجاسة وخبث، وأخبث النجاسة ما يصيب القلوب والعقول بسبب الشرك والكفر والردة والإلحاد والمادية، وهذه كلها دنس يصيب الضمير ويلوث القلوب، ويشوب نقاءها وطهارتها كما تشوب النجاسة الثوب والمكان (٣).

وكلها تقود إلى قول الزور، والكذب والافتراء والمغالطة.

ومن تابع أقوال وأحوال الكافرين قديمًا وحديثًا يجد هذين الوصفين من أظهر الأوصاف فيهم وفي أعمالهم: نجاسة وخَبَث في الاعتقاد والكفر، وزور في القول والعمل.

واللَّه تعالى يريد من الناس أن يجتنبوا هذه الأرجاس الوثنية سواء تسمت هذه الأوثان باللات أو العزى ومناة أو تسمت بالعقلانية أو الحداثة أو العلمانية أو الماركسية أو غيرها من المذاهب والمناهج والنظم الوضعية الجاهلية، فكلها رجس وزور، واللَّه يريد من الناس أن يميلوا عن الشرك


(١) هذا المعنى مقتبس من الظلال لسيد قطب. انظر: ٤/ ٢٢٢٠.
(٢) الآية ٣٠ من سورة الحج.
(٣) انظر: في ظلال القرآن ٤/ ٢٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>