للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى اللَّه رزقها" "ربك يفرجها" "تجري جري الوحوش وغير رزقك ما تحوش" "لن يصيبنا إلّا ما كتب لنا" "الأعمار بيد اللَّه" "اعقلها وتوكل" من هذا المنطق العاجز الكسيح بدأ بعض الناس يدمن الكسل أملًا في جنة أرضية تأتيه من حيث لا يدري. . .) (١).

هذا النص الإلحادي المضطرب اضطراب عقلية صاحبه، واضطراب منهجه ومذهبه، يؤكد لكل مسلم المعنى العميق الشامل الدقيق لقوله تعالى: {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا} (٢).

فالحق واضح، وأدلة القضاء والقدر من نظام الكون ومن أحداث الحياة ومن مجريات الأمور في هذه الدنيا أكثر من أن تحصى، ولكن العقول المنطمسة بالكفر والمادية تأبى كل هذه الأدلة، وتعارض بالباطل والجهل، وتخاصم بالكذب وتستعمل التهكم والسخرية ردءًا لها في المجادلة الباطلة التي يريدون بها ادحاض الحق ومغالبته، وهم حين يفعلون ذلك -كما في النص السابق- لا يبتغون الحق، ولا يطلبون الحقيقة، ولا ينشدون البرهان وليس لديهم الاستعداد للرضوخ للحق أو الحقيقة أو الدليل إذا اتضحت لهم -وهي متضحة جلية جلاء النهار- فلقد جاءهم من الهدى ما يكفي للاهتداء، ولكنهم في غيهم يعمهون، وفي باطلهم يسرعون.

ومن كان هذا موقفه لا تجدي فيه البراهين ولا تنفع فيه الحجج مهما كان وضوحها وكثرتها، فقد تأصل العداء في قلوبهم، وانغرست البغضاء في عقولهم، واستولت عليهم الأوهام والجهالات استيلاء لا يسمح له برؤية ضلالهم وتناقضهم، وزيف ما هم عليه، كما لا يسمح لهم برؤية الحقائق البينة!!.


(١) مسافة في عقل رجل: ص ١٧١ - ١٧٣.
(٢) الآية ٥٦ من سورة الكهف.

<<  <  ج: ص:  >  >>