نفسها، بل في المقام الأول هو مشيئة القدر، فلو غير القدر تلك المشيئة لوجدنا الشمس تشرق في الغرب وتنام في الشرق، والموت صفحة مكتوبه لا تغيير فيها ولا تبديل، فمن أتى أجله يأتيه الموت ولو كان في بروج مشيدة من الصحة والعافية بلا أسباب ظاهرة أو خفية، يأتيه عزرائيل يحمحم حوله ويلف ويدور، ثم يطعنه هذا الملعون طعنة نجلاء، فإذا هو جثة هامدة ترفرف كالطير الذبيح فوق الأرض. . .
ثالثًا: أن تطبيق تلك القاعدة هكذا بلا ضوابط يعني في النهاية غيبة القانون الكامل الذي يحكم الكون، بمعنى أنه إذا كان للقدر اليد الطولى فلن يتم ذلك من خلال غيبيات غير مفهومة وبالتالي يصبح القدر رمزًا للنتائج التي لا تحكمها أسباب أو مسببات، فهي تأتي كما يشأ القدر وفي أي وقت يشأ، وتصبح هكذا رمزًا لفوضى ليس مكانها سطور قانون كامل استنبت في أرضه بذور المنطق. . وشجرة العقل بل تهويمات وخرافات.
رابعًا: اللَّه لا يتدخل في حياة كل فرد تدخلًا مباشرًا ليرسم له لوحة حياته بما فيها من ألوان باهتة وزاهية، وخطوط متعرجة ومستقيمة وظلال وضباب وأضواء، بل الأقرب إلى العقل القول أن الإنسان يجري ويلهث ويأثم ويبتسم ويغضب ويضرب في الأرض بلا هدى، ويصل بعقله للنظريات العلمية ويحرك السحب والمطر، كل هذا من خلال قانون كامل متكامل، هذا القانون ليس قدرًا، ولكنه قانون يحكم هذه الأكوان، هذا القانون لا يرسم لكل شخص حياته، ماذا يأكل، وماذا يشرب، ومن يعشق ومن يكره، لكنه قانون عام شامل له نظرياته العلمية والاقتصادية والإنسانية كل فرد تجرى شؤونه من خلال هذا القانون الذي لم يكتشف الإنسان بعد من فروعه سوى القدر اليسير، هذا القانون لا مكان فيه للحظ المطلق، ولا مجال فيه لتحديد عمر الإنسان إلّا إذا كان من خلال أحد قوانين العلم، مريض السرطان الذي يحدد الطب آفته ووقت وموته، هذا التحديد ليس ناتج القدر أو جنينه، بل سببه قوانين العلم التي أصبح في مكنتها تحديد نوع الجنين الذي كان يعتبر في وقت من الأوقات إحدى المعجزات التي لم يسر بها اللَّه لمخلوق!! ومن منطلق نقولات شائعة "لا يوجد دابة على الأرض إلَّا