للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَكُونُ (٨٢)} (١)، ولكن الإلحاد إذا غطى على العقول ودنس القلوب فإنها لا توقن بهذا ولا تؤمن به ولا تستجيب له {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (١٨)} (٢).

وأشد منه جحدًا وأظهر منه كفرًا وأبشع مضادة لدين الإسلام ما كتبه الملحد علاء حامد في روايته "مسافة في عقل رجل" وهو كلام كثير مكرور في غاية الهبوط والتخلف، ومنه قوله: (. . . هل الإنسان مسير. . أي ليست له إرادة في تسيير دفة أموره. . وأنه ليس سوى منفذ لقدره المكتوب. . فالإيماءة والابتسامة والغضبة والكلمة حتى تحريك الحاجبين لمغازلة امرأة فاتنة، كلها كتبت بمداد مجهول في صفحة مجهولة تسمى القدر، وبالتالي فإن محاولات الإنسان للتحضر والرقي لن تجد لها صدى سوى ما كتب بمداد هذا القدر المجهول، بالمعنى الشائع، "المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين" إن هذا الكلام مهما اكتسب من قدسية نتيجة تداوله، والإيمان به باعتباره إحدى القضايا الإلهية التي لا يجوز الاقتراب منها أو المساس بها، لهو أشبه بتلك الألغاز التهويمية من شياطين وجن أحمر وأسود وأخضر وإبليس ورقيب وعتيد وعوالم ما بعد الموت، لماذا؟.

أولًا: لأن القدر يعني أن الإنسان يسير في فلك أعمال وأقوال كتب عليه أن يفعلها، بل ونتائج حكم عليه بها، وهذا ببساطة شديدة أن كفاح الإنسان مهما عظم شأنه فهو مرتبط بنتيجة سبق رصدها، القدر لا تغيير فيها ولا تبديل. . .

ثانيًا: أن القدر يعني رفض علاقة السببية بين الفعل ونتيجته، فلا ارتباط بينهما بل انفصام كامل. . . فالنتجية لا تحدث بسبب الفعل، بل تخضع لمشيئة القدر، يحددها بالصورة التي يرتئيها، فسقوط المطر ليس سببه نظرية علمية، بل إرادة القدر والتي يكون من أحد حوافزها ابتهال الناس ودعواهم، وشروق الشمس وغروبها ليس منشأة دوران الأرض حول


(١) الآية ٨٢ من سورة يس.
(٢) الآية ١٨ من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>