للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والارتقاء وتشعبت إلى عدد لا يحصى من الفروع، وأدلى كل بدلوه) (١).

ويقول في موضع لاحق شارحًا المستوى المادي الذي وصلت إليه النظرية بل المستوى الحيواني: (. . . الداروينية كانت أحدية، وقد وصفها أعداؤها بالمادية، ولم تكن تقبل أبدًا بالتسليم بثنائية من عقل وجسد ولا الفصل بين العالم الطبيعي والعالم الذهني، فالحيوان البشري هو كائن حي كأي كائن متعض (٢) آخر، ويستجيب إلى بيئته، وهو باستجابته هذه يعمل على تشكيل جزء منها، وهكذا أصبح الإنسان بعد داروين جزءًا من النظام الطبيعي البيولوجي، الأمر الذي لم يكن متعارفًا عليه من قبل) (٣).

أي أنه أصبح بهذه النظرية حيوانًا بشريًا -على حد تعبيره- وكيانًا ماديًا بحتًا وكائنًا عضويًا لا روح له ولا معنويات.

ثم يستطرد في ذكر آثار نظرية النشوء والارتقاء ويبين أنها أدت إلى القول بحتمية التطور والتقدم، وهي المقولة التي يرددها جميع الماديين وجميع المتأثرين بالفلسفات المادية، من الحداثيين والعلمانيين.

يقول المؤلف: (أمّا إذا كان البعض قد انتهى من نظرية النشوء والارتقاء إلى استنتاجات مأساوية أو متشائمة، فإن معظم الناس قد جعلوها متكاملة مع الإيمان بالتقدم، فوفقًا لداروين هناك تقدم دائم ومحتوم أنه تقدم نوع أو جنس، حتى ولو كان على حساب أفراد) (٤).

ومن الملاحظ أن نظرية التطور المطلقة التي تبنتها بعد ذلك عدة مذاهب فلسفية واجتماعية وأدبية أخذت أصلًا من داروين، ويُمكن تفصيل أسباب ونتائج هذه القضية وما فيها من أخطاء علمية ومعرفية، وما ترتب عليها من نتائج عملية مأساوية في مجالات الفكر والأخلاق والنظم، لولا أن


(١) المصدر السابق: ص ٤١٩ من الطبعة نفسها.
(٢) هكذا في كلتا الطبعتين.
(٣) المصدر السابق: ص ٤٢١ - ٤٢٢ من الطبعة نفسها.
(٤) المصدر السابق: ص ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>