للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمضادة للدين، فهو يعتبر الوعي الغيبي سببًا للتخلف والرجعية!! ويجعل من مهام الطليعة "الطليعة الحداثية والعلمانية واللادينية" أن تحارب الوعي الغيبي، وما ينبني عليها من ثقافة وممارسة، وليس وراء هذا القول من مقصد سوى "الإسلام" الذي انشغل أدونيس بمحاربته ومعاداته أشد الانشغال، يقول في توجيهاته لأتباعه: (لابد للطليعة من أن تنقد أشكال الوعي الغيبي الذي يعرقل نمو الوعي من جهة، ويشارك من جهة ثانية في ترسيخ الثقافة الماضوية واستمرارها) (١).

وقد سبق له في كتابه هذا وقبل هذه الأوامر الحداثية أن بين أن من ظواهر التخلف في المجتمع العربي الحديث عن الماضي والغائب والإيمان بالغيب (. . . إن الكلام في المجتمع يتناول أشياء إمّا إنها غائبة "أشياء الماضي" وإمّا أنها لا تتحقق أو غير موجودة في الواقع "الانفصال بين القول والفعل") (٢).

ومهد قبل هذا كله بذكر معروف الرصافي (٣) الذي يعده أدونيس مثالًا للتجديد؟ لأن الرصافي يرى (أن الأديان ليست موحاة، وإنّما هي وضع قام به أشخاص أذكياء، وإذ ينكر الوحي، ينكر بالضرورة النبوة، وينكر وجود الأنبياء والنتيجة الطبيعة لإنكار الدين، وحيًا ونبوة، هي إنكار التعاليم أو المعتقدات التي جاء بها) (٤).

ثم إن الرصافي عند أدونيس من رموز الحداثة العربية؛ لأنه (. . . ينكر خلود الروح، ويقول: إنها ليست من جوهر سماوي كما يعلم الدين. . . لذلك لا يؤمن بفكرة الحشر أو البعث، الجنة أو النار، ثم إن السماء التي تشير إليها التعاليم الدينية على أساس أنها "مكان" الخلود والنعيم، ليست أكثر من فضاء طبيعي تسبح فيه الأرض.


(١) الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ٢٢٧ - ٢٢٨.
(٢) المصدر السابق ٣/ ١٠٣.
(٣) سبقت ترجمته: ص ١٢٢٦.
(٤) الثابت والمتحول ٣/ ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>