للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن هذا بقوله: (لقد نبهتنا نكبتنا الكبرى إلى حقيقة الذبول الذي أصاب شعبًا كبيرًا قرونًا عديدة، إلى حقيقة العتة الروحية التي ماعدنا نستطيع تحملًا لها، فوجد شاعر كيوسف الخال في الأسطورة البابلية خير رمز لمعاناتنا) (١).

ويعني هذا القول أنهم وجدوا المبتغى الروحي الذي يريدون في هذه الوثنيات والأساطير، التي أنقذتهم من "العنّة الروحية" حسب تعبير جبرا.

ولا يقتصر اعتقادهم في هذه الأوثان على مجرد استلهام مضامينها الخرافية -على ما في ذلك من وثنية وانحراف وضلال- بل توجهوا إليها بالعبادة والدعاء واعتقاد الخصيب والإحسان وطلب السقيا، شأنهم شأن أي جاهلي كان يركع للانصاب والأزلام، يقول السياب عن الوثن "عشتار":

(عشتار، أم الخصب، والحب والإحسان، تلك الربة الوالهة) (٢).

وينادي تموز متضرعًا:

(يا رب، تمثالك

فلتسق كل العراق

فلتسق فلاحيك، عمالك) (٣).

ويقول أيضًا في دعاء وثني ضارع، واصفًا الوثن بالربوبية:

(يارب تمثالك

فاسمع صلاة الرفاق

ولترع فلاحيك عمالك

تمثالك البعل

تمثالك الطفل


(١) الحداثة الأولى: ص ١١٤.
(٢) ديوان السياب: ص ٣٨٣.
(٣) المصدر السابق: ص ٤٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>