للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} (١)، هنا ندرك مظاهر التآمر الآثم، والخبث المتراكم والهدم المتعمد، والتوجه القاصد نحو كل دسيسة نجسة.

وقد تبحر أدونيس في ظلمات الغيبيات الوثنية والمادية والباطنية، ولم يقتصر على ذلك بل امتد إلى غيبيات ثابتة في أصلها، جاء الخبر عنها في الوحي المعصوم في الكتاب والسنة مثل: الشيطان والجن والسحر والكهانة والعرافة وأشباهها، غير أنه تحدث عنها بأسلوبه الحداثي الباطني، حيث سخرها في رمزية أسطورية لتحقيق مآرب حداثية، ومقاصد باطنية، فمن ذلك وصف نفسه ومن على منواله ومنهجه بالساحر والكاهن والعراف الشيطان؛ لأن هؤلاء -في تصوره- أصحاب قدرات غيبية خارقة وأفعال باهرة، ومناقضة واضحة للدين، فهو يضعهم في منصب الأسوة، ويجعلهم نماذج للاقتداء!!.

انظر إلى قرناء المرء تعرفه … بهم وإن أنت لم تكشفه عن خبر (٢).

يقول أدونيس عن "العهد الجديد" عهد الحداثة:

(يجهل إن يتكلم هذا الكلام

يجهل صوت البراري

إنه كاهن حجري النعاس

إنه مثقل باللغات البعيدة

هوذا يتقدم تحت الركام

في مناخ الحروف الجديدة) (٣).

ويتواصل مع صنوه الشيطان تواصلًا حقيقيًا، فمرة يعد نفسه يرى كل


(١) الآية ١١٨ من سورة آل عمران.
(٢) ليزيد بن معاوية كما في مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي: ص ٤١٩.
(٣) الأعمال الشعرية لأدونيس ١/ ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>