للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي آخر هذه التهويمة الكهنوتية التي يحاول أن يصف فيها شعراء الحداثة بالتقدم واستشراف الغيب، يتحدث عن الأمة وتاريخها فيقول:

(وأنا منتظر وحدي، هنا، من ألف عام

دون أن يفتح باب في الظلام) (١).

وفي مقطوعة أخرى يجعل "وضاح اليمن" (٢) قناعًا للشاعر الحداثي فيقول عنه:

(يصعد من مدائن السحر من كهوفها وضاح

متوجًا بقمر الموت ونار نيزك يسقط في الصحراء

تحمله إلى الشآم عندليبًا برتقاليًا مع القوافل السعلاة

وريشة حمراء

ينفخها الساحر في الهواء

يكتب فيها رقية لسيدات مدن الرياح) (٣).

هنا يقر بالسحر وبالسعالي، وإن اتخذها رمزًا لغرض مّا، وفي موضع آخر من كتبه يفتخر بأنه قد ضمر عنده الباعث الميتافيزيقي ونما الواقع الاجتماعي والسياسي (٤)، أي الشيوعي الماركسي، ويريد بالباعث الميتافيزيقي، الباعث الغيبي عمومًا والدين الإسلامي على وجه الخصوص، ودليل ذلك ما قرره قبل هذا الكلام من أن الكتب الدينية ليست سوى فخ كبير نصب للبشر ليقعوا فيه (٥).


(١) ديوان البياتي ٢/ ٢٠١.
(٢) وضاح اليمن هو: عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد كلال، من خولان من حمير، شاعر جميل الطلعة كان يتقنع في المواسم، يقال: إنه قدم الحج فرأى أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان زوج الوليد فتغزل بها فقتله الوليد في نحو عام ٩٠ هـ. انظر: الأعلام ٣/ ٢٩٩.
(٣) ديوان البياتي ٢/ ٢٤٣.
(٤) انظر: تجربتي الشعرية: ص ٢٧.
(٥) انظر: المصدر السابق: ص ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>