للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما وراء المادة، ويذكرها أيضًا في سياق احتفاله بذكر صنوه الشيوعي "غيفارا" (١) فيا لها من مفارقة غريبة (٢)!!، ومثلها حديثه عن قارئة الكف (٣) وعن المنجمين (٤).

ولا يشعر الحداثيون بأي حرج عقلي أو ثقافي في عدم التطابق بين مذاهبهم المادية التي تؤكد على الإلتزام بالمحسوس، والكفر بما وراء الحس مع إيمانهم -في الوقت ذاته- بغيبيات.

وليس هذا هو التناقض الوحيد في هذه الملة المليئة بالضلالات والخرافات والتناقضات.

لقد قرروا إدانة العقل والوعي (٥)، واعتبار هذه الإدانة أصلًا من أصولهم.

يقول إحسان عباس: (. . . ارتباط جانب من هذا الشعر بالرفض المطلق فيه تحد للعلم والعقل والنظام. . .) (٦).

ويقول ناقد حداثي آخر: (إن البلبلة والتشوش سمة مميزة للحداثة التي تريد أن تنطوي على وجود بدون وجود، وعلى نص بدون نص، وعلى سؤال بدون سؤال. . .

فالحداثة هي اللاذات، اللاأساس، اللاقول، اللاذاكرة حيث بالإمكان تمديد هذه المتوالية من اللاءات إلى ما لا نهاية: اللامنطق، اللاعقل، اللاحداثة، وبذلك فإن الكتابة "الحداثية" تغدو ممكن قول أي شيء. . . إذا كان للضرورة من معنى في هذا السياق "الحداثي" هي حرية التحرر


(١) سبقت ترجمته: ص ٨١٤.
(٢) انظر: ديوان البياتي ٢/ ٣١٩.
(٣) انظر: المصدر السابق ٢/ ٣٤٦.
(٤) انظر: المصدر السابق ٢/ ٣٤٨.
(٥) انظر: الحداثة الأولى: ص ٢٣٧.
(٦) اتجاهات الشعر العربي المعاصر: ص ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>