للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفوضوية هما أعمق تجذرًا من النظام الذي يؤمن به قومه) (١).

يقول مؤلف كتاب "اللامنتمي" بعد أن كتبه بسنوات عدة في مذكراته التي سماها "رحلة نحو البداية": (حينما كنت أكتب اللامنتمي كنت أشعر بإحساس من الإثارة الهائلة والقلق، كان الكتاب ينصب من داخلي كما تنصب الحمم المنصهرة الخارجية من بركان، وكنت أعرف أنه كتاب جيد، كنت أكتب عن نفسي. . . كان موضوع الكتاب هم العاجزين عن التكيف في الحضارة الحديثة، الرجال الخلاقين الذين يشعرون أن لا مكان لهم في سباق الفئران، ولكنني عنيت بأن أقرر أن اللامنتمي قد لا يكون خلاقًا.

إن افتقاره إلى فهم نفسه قد يكون كاملًا إلى درجة أنه لا يبدأ في إنجاز مهمة التطهير من خلال الخلق، لقد تحول فان جوخ ونيتشه إلى شعلة متوهجة من اللاانتمائية، ولكن أكثر اللامنتمين لا يتحولون إلى أكثر من جمرة خابية، فلا ينتجون إلّا بعض الدخان الأسود يلطخهم ويلطخ من حولهم، وقد كان لي أن أتبين جانبًا كبيرًا من هذه الظاهرة بين الجيل الأصغر في أمريكا بعدما يقرب من عشر سنوات. . .) (٢).

ويقول في كتاب "ما بعد اللامنتمي": (حين كتبت اللامنتمي عام ١٩٥٥ م كان الهدف منه هو أن أبين أن الوجودية قد انحرف عن طريقها الحقيقي، الذاتية، وأن بعض الفلاسفة الوجوديين حاولوا إلباس تعصبهم وفشلهم الشخصيين لغة مؤثرة ومجردة ولا معقولة، فأغرقوا في تعقيد الأمور، مما يجعلني أشعر أن مقاومتي للمشكلة الرئيسية، مع إصراري العنيف على الذاتية، ما هو إلّا مساهمة متواضعة لكنها جديرة بالاهتمام في التفكير الوجودي) (٣).

يتضح من هذا أن "اللامنتمي" هو في الحقيقة "منتمي" أي صاحب


(١) اللامنتمي لكولن ولسن: ص ٥.
(٢) رحلة نحو البداية: ص ٢٨٩ - ٢٩٠.
(٣) ما بعد اللامنتمي: ص ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>