للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم درجة وأعلى منهم شأنًا؛ لأنها لم تخرج عن فطرتها ولم تتجاوز مقتضيات خلقها التي خلقت عليها.

أما هؤلاء فقد انحدروا حتى ضج منهم الإنحدار، وهبطوا في دركات الحيوانية حتى انحطوا عن درجة الحيوان {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)} (١)، {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (٢).

تقول قرينة أدونيس، ومروجة أفكاره: خالدة سعيد، عن الأعمال التي يقوم بها المبدع والحداثي والمجدد!! وأنها تقوم أصلًا على (زعزعة النموذج وإسقاط صفة الأصلية فيه، أو صفته المطلقة ورده إلى حدود الموروث التاريخي، فكانت هذه الأعمال توكيدًا على أن الإنسان يملك موروثه ولا يملكه هذا الموروث، ويملك أن يحيله إلى موضوع للبحث العلمي والنظر، كما يملك حق إعادة النظر فيما اكتسب صفة القداسة، وحق نزع الأسطورة عن المقدس. . .) (٣).

وتقول أيضًا: (وإذا كانت الحداثة حركة تصدعات وانزياحات معرفية - قيمية، فإن واحدًا من أهم الانزياحات وأبلغها هو نقل حقل المقدس والأسراري من مجالات العلاقات والقيم الدينية والماضوية إلى مجال الإنسان والتجربة والمعيش. . . إن ديوان "أغاني مهيار الدمشقي" قد شكل أول انقلاب بين العالمين ونقل المقدس إلى الحقل الإنساني، ولابد من القول في هذا المجال أن ديوان "لن" لأنسي الحاج قد أسهم في تجريح المقدس، ورفع لواء العصيان البشري، وإقامة لغة التجديف (٤)، غير أن مهيار يصوغ التجديف بلغة تبني الدينية الضدية، وترسم إله الدمار والتفكك


(١) الآية ٤٤ من سورة الفرقان.
(٢) الآية ١٧٩ من سورة الأعراف.
(٣) قضايا وشهادات ٣/ ٦٤.
(٤) التجديف: هو إعلان الكفر وإظهار الاستخفاف والعبث بالأديان.

<<  <  ج: ص:  >  >>