للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتؤسس لانقلاب القيم ومواقع المقدس) (١).

وتصف ناقدة حداثية أخرى هذا الأصل الحداثي وكيف نشأ عنه ما يسمونه "الحركة الإنسانية" التي تقدس الإنسان وتعلي شأنه من جهة أنه كيان مادي بحت، أي "حيواني محض"، تقول هذه الحداثية: (أصبح الإنسان مع نزع هالة التقديس والألوهة عن الكون ومدبره، أصبح يقع في مركز الكون ويشكل مبدأ القيم والغايات، وعندئذٍ ترسخت الحركة الإنسانوية. . . توقف الإنسان عن الدوران حول المقدس، وحلت مشرعية إنسانية جديدة محل المشروعية الدينية السابقة، ونتج عن ذلك أخلاق جديدة وقوانين جديدة تنطبق على البشر دون استثناء) (٢).

فهذا هو أصلهم ومنزع عقيدتهم في تأليه الإنسان وجحد ألوهية اللَّه تعالى وربوبيته، إلحاد قاحل، يقوم على أوهام مادية باطلة ومرض عقلي يتظاهر أصحابه بتمام العقل والإدراك: (ولو ظهرت عقيدة بين البهائم العجماء لما كانت أقل من هذه العقيدة "الوسخة" لا في المقاصد ولا في الأصول) (٣).

يقول عبد الرحمن منيف، واصفًا أهم ألسس ومضامين الحداثة: (. . . إن إحدى مهمات الحداثة وأيضًا إحدى صفاتها، نزع القداسة عن الأشياء، والتحرر من القيود واللجوء إلى السخرية) (٤).

ويقول أحد النقاد الحداثيين: (فكر الحداثة داس كافة المحرمات لاعتقاده بأن الوجود خلو من كل سر. . .) (٥).


(١) المصدر السابق ٣/ ٨٤.
(٢) المصدر السابق ٢/ ١٠٢ والقول لأنيسة الأمين.
(٣) مذهب ذوي العاهات للعقاد: ص ٢٩.
(٤) قضايا وشهادات ٢/ ٢١٩.
(٥) المصدر السابق ٢/ ٢٨٦ والقول لعبد الرزاق عيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>