للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغيره لا بنفسه، شبح عابر في دنياه، صورة لمثال، مصيره فوقه لا بين يديه، تغطيه السماء بحنينها مرة، وتحتفظ له الظلمات بالودع، هنا أو هناك) (١).

واضح تمام الوضوح أنه يقصد بالمتعاليات أركان الإيمان عند المسلمين: الإيمان باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر.

وهذا كافي في الدلالة على مراده من نقد المتعاليات الذي يعبرون عنه أحيانًا بـ "تدنيس المقدس".

وقد شرح بنيس مراده بكلمة "نقد" فقال: (يهدف النقد إلى تفكيك المفاهيم والقيم والتصورات، داخل الشعر وخارجه، انطلاقًا من التحليل العلمي للوقائع والمعطيات، والعودة بالإنسان إلى بعده الواقعي، ماحيًا كل المتعاليات التي تسلب منه قدرته على الفعل، وتنسب لذاتها كتابة مصير الكون على جباهنا العارية) (٢).

هذا النقد الذي يشرحه بنيس في هذا النص يتفق مع صفقات التجارة الحداثية القائمة على "العبث" والانتهاك من أجل إسقاط دين الإسلام أصولًا وفروعًا، على أساس أن هذا العبث والانتهاك والسخرية والاستخفاف "عمل إبداعي" يستحق الإشادة والتشجيع!!.

ويقول جبرا إبراهيم جبرا: (الإبداع من صفته أن يكون غير متوقع، كلمة "الإبداع" هي أصلًا من البدعة، شيء جديد، أحيانًا تكفر صاحبه، وأحيانًا تمجد صاحبه، الإبداع يجب أن يكون فيه هذا العنصر غير المتوقع. . .

الإبداع يجب أن يبقى شيئًا غير مألوف أصلًا، سيبقى الإبداع ميزة المتفردين القلائل، في كل الحضارات الأمر كذلك، لكن الصفة هي الجرأة في رؤية المستقبل أو الماضي، الجرأة في تناول المحرمات. . . كل شيء


(١) حداثة السؤال: ص ١٩.
(٢) المصدر السابق: ص ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>