للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن أدونيس وأتباعه يرون أنه لا إبداع إلّا بالإلحاد، زعمًا منهم أن حضارة القرن العشرين قامت على الإلحاد، وهذا كذب واضح، فإن العلوم التجريبية والمعارف التطبيقية وحقائق العلم البحتة قامت على جهود متدينين غير ملحدين من النصارى واليهود، أمّا خرافات الفلسفات المادية وهرطقات الإلحاد الفكريّ فجاءت على يد عاطلين فاشلين لا جهد لهم في التقدم الماديّ من أمثال ماركس وسارتر وهوبز ونيتشه.

وتبعًا لهذه النظرة الإلحادية عند أدونيس وربطها بالإبداع يقرر في صلف أبدية الشعر، فيقول: (. . . إن العمل الشعريّ لا ينتهي، الآلة وحدها تنتهي وهو لا ينتهي … إن وعي الشاعر لذاته لا يبدأ من التاريخ، أو من الماضي، بل يبدأ من ذاته نفسها، وذاته في يقظة دائمة، ففي كل لحظة يعيش ويفكر ويخلق كأنما للمرة الأولى. . .) (١) ويُفهم هذا المعنى إذا قرن قوله هذا بأقواله الأخرى الدالة على هذا المقصد عنده بل المبنية عليه، كما فصل ذلك في الجزء الثالث من الثابت والمتحول.

وفي مقطع من كلامه الذي يسمى شعرًا يصف النطفة بالخلق، وهو تصريح بأبدية الخلق وذاتيته والاستغناء عن الخالق -سبحانه وتعالى- فيقول:

(لم ترني عيناك

بكرًا كماء النطفة الخالقة

لم ترني أقبل من هناك

في موكب النذور

وفي خطابي العشب والصاعقة

غدًا غدًا في النار والربيع

تعريف أني حاضن البذور

غدًا غدًا توقن بي عيناك) (٢).


(١) الأعمال الشعرية الكاملة لأدونيس ١/ ٥.
(٢) المصدر السابق ١/ ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>