للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا أضيف إلى ذلك أن هذا الرأس المستعار والقلم المستأجر والفم الممتلئ بمياه مستنقع الظلمات المادي، أضحى مستعمرة فكرية ومستوطنة اعتقادية، يضج بما تضج به كل المستعمرات والمستوطنات من تخلف وقذارة وتبعية وهوان.

إن من أبرز الغارات التخريبية التي تشنها الحداثة والعلمانية على دين المسلمين وتراثهم وتاريخهم تلك المحاولات البائسة التي تتوجه إلى رموز هذا الدين توجه الحاقد الذي يستهدف الطعن والتشويه متخذًا أسلوب تزوير الحقالْق مسلكًا وطريقة طمس المعالم منهجًا، في جهد متواصل لخداع الأمة والتلبيس عليها وزعزعة ثقتها بتاريخها وأمجادها ورجالاتها وحضارتها.

وليست هذه الغارات الهدامة مجرد حركة عارضة في تيار الهوج المادي الإلحادي، بل هي خطة مقصودة ومعركة مخطط لها، ها هو أدونيس يعلن بأن السلفية بما فيها من عقائد ومبادئ وقيم وأشخاص هي "ارتدادية تلقينية" (١).

أمَّا طيب تزيني الماركسي الملحد فإنه يعلن قائلًا: (نحن العرب أبناء القون العشرين لسنا بحاجة مثلًا، إلى استلهام المسيحية الأولى أو الشعراء الصعاليك أو أبي ذر الغفاري وغيرهم ممن سبقهم وممن خلفهم. . . ولسنا بحاجة إلى امرئ القيس. . . أو إلى معركة ذي قار، أو إلى محمد بن عبد اللَّه وأبي بكر وعمر وغيرهم ممن سبقهم وممن خلفهم، أقول نحق لسنا بحاجة إلى ذلك كله لكي نمنح "مرحلتنا القومية" الناهضة مشروعيتها في أن تكون باتجاه توحيدي.

. . . أقول نحن لسنا بحاجة إلى ذلك كله أو إلى غيره من هذا القبيل، لكي نمنح "مرحلتنا القومية" الناهضة مشروعيتها في أن تكون باتجاه عقلي علمي علماني ومادي جدلي) (٢).

وهذا القول المظلم يحتوي عدة موبقات منها أنه يقرن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وصحابته


(١) الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ٢٢٠.
(٢) من التراث إلى الثورة: ص ٧٣٦ - ٧٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>