للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدمة (لم يكن اختيارنا "هاجر" اسمًا لكتاب المرأة من قبيل الصدفة أو محاولة للبحث عن الغرابة والاختلاف، لكن هل يوجد من هو أكثر من "هاجر" تعبيرًا عنا، فهاجر أم العرب جميعًا، والدة الأنبياء، أشهر جارية في التاريخ، أول مصرية تتغرب عن الوطن، هي الحالة الأولى، الأعمق على دور المرأة المكرس منذ أزمنة سحيقة: أن تكون وعاءً للنسل والإنجاب، وهي أعظم قصة حفظتها لنا الذاكرة الإنسانية عن معاناة المرأة ونضالها في سبيل البقاء، المرأة التي هُجرت فهاجرت وسعت في الأرض سعيًا مكبدًا في سبيل حياتها وحياة وليدها الطريد.

باختصار: إن هاجر هي التجلي الأول للمسألة النسائية وإشكاليتها في التاريخ البشري المعروف وهي أسطورة المرأة/ البشر، لا المرأة/ الآلهة، وأخيرًا فإن هاجر هي أول حالة تمييز عنصري عرفتها الإنسانية) (١).

نحن أمام نموذج من نماذج التلاعب الخبيث بالمفاهيم والحقائق، إلى حد جعل المرأة الصالحة التقية "هاجر" (٢) وسيلة لتسويق آراء أهل العهر ومشاريع الساقطين والساقطات من أهل الإباحية والسفور والفسوق، وفي القول الآنف من الكذب العلمي والتاريخي والافتراء وما يناسب العقائد العلمانية وأهلها، وفيه استنباطات ضالة مرتكزة على خلفية أضل وقاعدة أعمى وأغوى من كل عمى وغواية.

وبالمنظور العلماني الحداثي نفسه عن "هاجر" يقول محمود درويش:


(١) كتاب المرأة "١" هاجر: ص ٦.
(٢) هي أم نبي اللَّه تعالى إسماعيل بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، كانت جارية لسارة فوهبتها لزوجها إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام فأولدها إسماعيل ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم بأمر من اللَّه تعالى، ولما انصرفت سألته عن ذلك فأخبرها بأن اللَّه أمره بذلك قالت: إذًا لا يضيعنا، ثم لما عطشت وعطش ابنها ذهبت تلتمس الماء فأنبع اللَّه الماء من تحت قدم إسماعيل، ثم نشأ إسماعيل وتزوج في جرهم وأنجب وكانت من ذريته قريش وسائر عدنان من العرب، وخير الخلق محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبنى إسماعيل وإبراهيم البيت وصار مثابة للناس وأمنًا. انظر: البداية والنهاية ١/ ١٥٣ - ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>