للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوقوف ضد هذه الأوصاف يعني الحرية والانطلاق والتقدم والنهوض!! {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} (١).

ولا شك أن عقولًا استساغت أن تهجر الهدى وتعتنق الهوى والفكر والردى لهي عقول استولى عليها الخبال والضلال، والتحقت بصفوف الأعداء الغزاة، الذين ما فتئوا يكيدون لهذا الدين من بداية ظهوره.

إن استهانتهم بلفظ الكفر ووصفه، وامتهانهم اللفظي له يندرج ضمن لعبة العبث الحداثية التي يراد لها أن تكون جسرًا لإبطال أحكام الشرع وتكذيب أخباره، ها هو أحدهم يدرس نصوص الوحي على أنها أسطورة تاريخية ثم يتحدث عن نظيره وسلفه في هذا الأمر طه حسين ويخلص إلى أن حكم الردة الذي وجه إليه بسبب تكذيبه للقرآن العظيم، ليس سوى إعادة اعتبار للأسطورة، وإرجاع النص أي الوحي، إلى مكانته المتعالية ثم يقول: (واستندت هذه الردة. . . بتكفير من يكذب وجود إبراهيم وإسماعيل إلى إعادة الاعتبار لمفهوم الكفر والردة في عصرٍ هما ممجوجتين فيه) (٢).

ولا ريب أن هذا المادي العلماني يعبر عن وجهة نظر الردة الجديدة التي اجتاحت العالم، واكتسحت العالم الإسلام في هذا العصر (وهي ردة جاءت مع زحف أوروبا السياسي، والحضاري على الشرق الإسلامي، وإنها أعظم ردة حدثت في التاريخ الإسلامي من عهد النبوة إلى عصرنا هذا، إنها "ديانة" اللادينية والإلحاد التي أثرت على ما لا يحصى من أفراد الطبقة المثقفة من المسلمين، ولكن بالعكس من حركات الردة وتياراتها الماضية؛ إن من يقع في أسرها، وينكر بديهيات الدين وحقائقه لا يذهب إلى معبد أو كنيسة، ولا يعلن تغييرًا لديانته، ولا يتنبه مجتمعه الإسلامى إلى خطره، ولا يحسب له أي حساب، ولا يعامل بالمقاطعة والفصل من المجتمع كما


(١) الآية ١١٢ من سورة الأنعام.
(٢) الإسلام والحداثة: ص ٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>