للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البنيوية (١) تحاول أن (تجد في اللغة العماد الذي يرجع إليه كل شيء أي المطلق الذي يمكن أن يحل محل الإنسان) (٢).

وهذا النص يحتوي المغالطة الإلحادية الحداثية التي تشير إلى أن الإنسان هو "المطلق" هكذا بصورة مسلمة كعادة الادعاءات الحداثية، ولكن البنيوية جاءت باللغة لتجعل منها مطلقًا آخر.

وتتوارد تصريحات الحداثيين حول هذا الزعم المفرد في المادية تقديسًا للشعر والإبداع وتأليهًا للشاعر والفنان، يقول نزار قباني: (. . . لا أعتبر أن النثر هو الشكل النهائي للشعر، فأنا لا أؤمن أصلًا أن هناك نهايات مطلقة للشعر. . .) (٣)، ويقول: (الشاعر هو مصدر الشرعية وهو الحاكم الفرد المطلق الصلاحية على أوراقه وعلى أبجديته) (٤).

ويقول في جرأة إلحادية حادة فاضحة: (إن اللَّه عندي هو دبيبٌ شعريّ، وإيقاعٌ صوفيّ في داخلي، والشعور الدينيّ لديّ هو شعور شعريّ،


(١) البنيوية مفهوم تحدد حديثًا وانتشر في مجالات العلوم الإنسانية، يقوم على أساس الهيكل، والبنية هي هيئة ما نضبط به المشاهد والمحسوس، وأنه لابد أن يكون نظامًا متراص العناصر "البنيات" بحيث يكون كل تغيير في عنصر مّا تغييرًا في كل العناصر، ولابد أن يكون المثال مبنيًا بطريقة تجعل عمله قادرًا على إعطائنا معرفة بخصوص كل الظواهر المعاينة. ومصطلح البنيوية متسع غير منضبط، زائغ في حقل البحث نظرًا لاتساعه واختلاف مفاهيمه، وقد ظهرت البنيوية كمنهج ومذهب فكريّ لها إيحاءاتها الاعتقادية الايديولوجية بما أنها تسعى لأن تكون منهجية شاملة توحد جميع العلوم في نظام إيمانيّ جديد من شأنه أن يفسر علميًا الظواهر الإنسانية كافة، ولذلك توجهت البنيوية توجهًا شموليًا ينطلق من قاعدة مادية للنظر إلى العالم والإنسان والكون والحياة، ومن مشاهير البنيوية ليفي شتراوس وسوسير رولان بارت وميشيل فوكو وغيرهم الذين كانوا ماركسيين أو ملاحدة. انظر: المفاهيم والألفاظ في الفلسفة الحديثة: ص ٢٠٥، دليل الناقد الأدبي: ص ٢٦، ومعجم المصطلحات الأدبية المعاصرة: ص ٥٢.
(٢) قضايا وشهادات ٣ شتاء ١٩٩١ م/ ١٤١١ هـ، من مقال لشكري عياد بعنوان "من الأصول الفكرية للحداثة": ص ١٨٥.
(٣) أسئلة الشعر، لمنير العكش: ص ١٨٥.
(٤) المصدر السابق: ص ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>