للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حد كل أحد أن يحاكم إلى ما جاء به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمن حكم بخلافه أو حاكم إلى خلافه فقد طغى وجاوز حده حكمًا أو تحكيمًا، فصار بذلك طاغوتًا لتجاوزه حده.

وتأمل قوله -عزَّ وجلَّ-: {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} تعرف منه معاندة القانونين وإرادتهم خلاف مراد اللَّه منهم حول هذا الصدد، فالمراد منهم شرعًا والذي تعبدوا به هو الكفر بالطاغوت لا تحكيمه {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} (١).

ثم تأمل قوله: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ} كيف دل على أن ذلك ضلال وهؤلاء القانونيون يرونه من الهدى) (٢).

فلا ريب عند أهل العلم والإيمان أن تحكيم شريعة اللَّه وجعل السيادة العليا لها وحدها شرط للإيمان كما قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} (٣).

الثاني عشر: أن من معنى "لا إله إلَّا اللَّه" نفي استحقاق العبادة لكل ما سوى اللَّه -جلَّ وعلا-، وإثباتها للَّه تعالى وحده دون سواه، ولا ريب أن اتباع حكم اللَّه وشريعته عبادة للَّه تعالى، كما أن صرف ذلك لغير اللَّه شرك مع اللَّه تعالى.

أن "لا إله إلَّا اللَّه" ليست مجرد كلمة يفوه بها اللسان بل هي عقيدة راسخة، وشريعة نافذة، ومنهاج حياة شامل متكامل.

أن من أصل معنى "لا إله إلَّا اللَّه" أن يتحاكم الناس إلى شرع اللَّه الإله الحق المبين، وأن يطرحوا شرائع الآلهة الباطلة والأرباب المزعومة،


(١) الآية ٥٩ من سورة البقرة.
(٢) فتاوى ورسائل لمماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ١٢/ ٢٨٦.
(٣) الآية ٦٥ من سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>