للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧)} (١).

ومن شروط "لا إله إلَّا اللَّه": الإخلاص المنافي للشرك، فمن حكم بغير شرع اللَّه تعالى فقد ناقض الإخلاص.

ومن شروطها: الصدق المنافي للنفاق والكذب والتكذيب، وذلك ببذل الجهد في طاعة اللَّه وامتثال أوامره، وحفظ حدوده والغيرة على حرماته والغضب له، والانتصار لدينه دون تهاون أو فتور، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٣)} (٢).

ومن شروطها: المحبة المنافية للبغض، وهذا المحبة هي المقرونة بالإجلال والتعظيم والخوف والرجاء، وحصر التأله للَّه بالقيام بجميع شروط هذه المحبة ولوازمها، وذلك لا يتم إلَّا بالتوجه الكامل إلى اللَّه تعالى، وحصر العبادة والطاعة له سبحانه، وذلك بعبادته وحده دون سواه، واتباع شريعته وحده دون سواه.

فهذه كلمة "لا إله إلَّا اللَّه" الركن الأول من أركان الإسلام، والقضية الكبرى في هذا الدين التي دار القرآن كله في خبره وأمره ووعده ووعيده وقصصه عليها، فالحديث عنها ليس حديثًا لفترة ثم ينتقل إلى غيرها، وإنَّما هي حديث مؤكد وبرهان ثابت يذكر ثم يذكر ثم ينتقل به ومعه إلى غيره، وهي دعوة الرسل جميعًا، وهي نقيض الجاهلية في كل التاريخ، ولذلك لم يتغير موقف الجاهلية من "لا إله إلَّا اللَّه" خلال التاريخ البشري كله، بل كان موقفها موقف الرفض والصد والإعراض بل والمحاربة في سبيل إزالتها، ولى يكن رفض الجاهلية لهذه الكلمة رفضًا لألفاظها وأحرفها فهي أهون عليهم من كثير من الكلام، ولكن رفضهم كان لمعناها ومدلولها ومقتضياتها ولوازمها.


(١) الآيات ٢٢ - ٣٧ من سورة الصافات.
(٢) الآيات ١ - ٣ من سورة العنكبوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>