الأول: أن يشرع حكم غير اللَّه، ويستبدل هذا بحكم اللَّه، ويحكم بغير ما أنزل اللَّه، وهو عالم بحكم اللَّه في ذلك، ولكنه يرى أن الحكم المخالف له أولى وأنفع للعباد من حكم اللَّه، أو أنه مساوٍ لحكم اللَّه، أو أن العدول عن حكم اللَّه إلى غيره جائز، فهذا كافر كفرًا مخرجًا من الملة، ولو صلى وصام وحج وزكى وفعل كل أفعال الإسلام فإنها لا تنفعه بل هي حابطة {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨)} (١).
ويلحق بهذا من يعتقد أن أحكام اللَّه وشريعته رجعية أو متخلفة أو يحتقرها، أو يسخر منها أو من بعضها، أو يصفها أو بعضها بأنها بشعة أو غير ملائمة للعصر، أو أنها سبب للتخلف وعائق عن التقديم، أو يدعي أنه لا حكم في الإسلام أصلًا، أو يقول بأن إخضاع الدنيا للدين مشكلة، أو أن أحكام الشريعة بشرية من صنع البشر أو عادات وتقاليد الصحابة، أو يعتقد أن الدين شيء شخصي فقط، أو يعتقد أنه لا يُمكن اعتماد الإسلام نظامًا للحكم، أو يرى وجوب تفسيره تفسيرًا عصريًا علمانيًا أو ماديًا.
وكذلك يكفر من يضع القوانين ويشرعها للناس، ويلزمهم بالتحاكم إليها؛ لأنه إنَّما شرع ذلك لاعتقاده أنها أصلح من الإسلام وأنفع للعباد، وهذا هو أحد أظهر أنواع الكفر في هذا العصر.
الثاني: أن يستبدل بحكم اللَّه تعالى حكمًا مخالفًا له في قضية معينة دون أن يجعل ذلك قانونًا يجب التحاكم إليه، فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يفعل ذلك عالمًا بحكم اللَّه معتقدًا أن ما خالفه أولى منه وأنفع للعباد أو أنه مساوٍ له أو أن العدول عن حكم اللَّه إلى غيره جائز، فهذا كافر كفرًا مخرجًا من الملة.
الثانية: أن يفعل ذلك عالمًا بحكم اللَّه معتقدًا أنه أولى وأنفع لكن خالفه