للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو سئل أحدهم عن وجود الكون، وهل يُمكن لفكرتهم المادية القائلة بأبديته واستقلاله عن خالق بارئ موجد له من عدم؟ لوجدت الإجابات التي يخيل لأصحابها أنها عقلية علمية، بينما هي في حقيقة الأمر عكس ذلك.

وهكذا وبدون برهان إلّا مجرد الادعاء يتشدق بعضهم في هذه القضية الخطيرة فيقول: (. . . فالإنسان والقمر والشمس والنجوم لها خصائصها الذاتية وقوانينها التي تحكم حركتها ووجودها. . . وأيضًا تحكمها قوانين تحدد الصلة بينها وبين غيرها من الكائنات، لأن حتمية وجود مثل هذه القوانين يترتب عليه انتظام الكون. . .) (١).

ثم ينكس على رأسه قائلًا: (إذا كنا قد انتهينا كنتيجة حتمية بوجود قانون ينظم حركة الكون وعمله. . وإذا كنا قد قلنا بحتمية وجود أجهزة لتنفيذ القانون كالعائل في الأسرة والحاكم في الدولة، وإذا قلنا بنظرية تطابق المثلثات نجد أن أضلاع المثلث الوضعي تتمثل في القاعدة وهي المجتمع الذي ينطبق عليه القانون وساقا المثلث وهما القانون والجهاز الممثل في الحاكم وهذا هو المثلث الوضعيّ، أمّا المثلث الإلهي فنجد أنه مثلث ناقص ضلع (٢)، ويتمثل هذا الضلع في حاكم الكائنات. . أي اللَّه الذي ينكره البعض، ذلك أن ضلعا المثلث الآخران وهما القانون والكائنات لا يجحدهما أحد، إذن فالخلاف حول الضلع الثالث هو الحاكم أي الإله، وسبب هذا الخلاف أو الجحود أو الإنكار هو الفصل بين القانون وبين اللَّه. . وذلك أنه في المثلث الوضعي القانون ليس الحاكم بل منفصل عنه تمامًا، أمّا اللَّه في مثلث الكائنات فهو غير منفصل عن القانون فالقانون هو اللَّه واللَّه هو القانون. . .) (٣).

ثم يرتب على هذه الخرافات الوثنية أحكامه العامة في شأن الخلق


(١) مسافة في عقل رجل: ص ١٥٣.
(٢) هكذا!
(٣) انظر: مسافة في عقل رجل: ص ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>