وكل ذلك لكي يخلص إلى مقصده المنحصر في إسقاط حكم اللَّه جملة وتفصيلًا من خلال العبث بنصوص الشريعة الإسلامية، ونصب أحاييل المصطلحات والألفاظ المولدة سفاحًا في بيوت الدعارة الفكرية، والتزاوج السفاحي مع المذاهب الأوروبية والفلسفات المادية.
ومن نتاج ذلك ما قاله الصادق النيهوم:(. . . منذ مطلع القرن الهجري الأول، كان الفقه الإسلامي يتلقى علومه بحماسة كبيرة في مدرسة التوراة)(١).
ثم يستشهد على ذلك بقضية الحيض والحجاب فيقول: (وكان موضوع الطمث، قد أعيد إلى خانة "النجاسة" من جديد، فتحولت المرأة المسلمة خلال فترة الطمث إلى امرأة "غير طاهرة" مرة أخرى، وعمد الفقهاء إلى إبطال صلاتها وصيامها طوال أيام الحيض في فتوى، لا تستند إلى نص القرآن بل تستند إلى قول التوراة. . . وفي ظروف هذا الانقلاب العبراني على لغة القرآن، قامت القيامة سرًا، وبعث عالم التوراة حيًا في واقع المسلمين، فأصبح عزل المرأة المسلمة فريضة في أصل الشريعة، وتحولت المرأة نفسها إلى "حرم" لا يراه سوى الأقارب، وصار النظر إلى جسدها خطيئة، وتصاعدت هذه الحرب السماوية ضد المرأة إلى حد جعل مجرد لمس يدها "نجاسة" تنقض الوضوء. . . فحجاب المرأة ليس شريعة من أي نوع، بل منهجًا تربويًا مكتوبًا بلغة السحرة، قاعدة النظرية أن "المرأة مخلوق نجس" وقاعدته العملية أن يقنع المرأة نفسها بقبول هذه الشخصية) (٢).
وهكذا نرى المرض العلماني يستولي على عقل صاحبه حتى يجعله يتخبط في الجهالات تخبط الغريق، بيد أنه يجب أن يعلم أن هذا الكاذب المسمى الصادق النيهوم حين يتحدث عن الإسلام بهذه الطريقة ليس لأنه يؤمن بالإسلام، فهو أصلًا ينكره ويجحده، ويريد نقضه، ويسعى في هدمه وإزاحته من واقع الحياة، ومن يطالع كتابه "الإسلام في الأسر" يوقن بهذا.
(١) و (٢) مجلة الناقد، العدد ١٣ تموز ١٩٨٩ م/ ١٤٠٩ هـ: ص ٧.