للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النص لم يتحدث عن الحكم بالمعنى الشامل الواسع الذي يطرحه الخطاب الديني) (١).

وهكذا بكل كذب ومغالطة يصادر النص القرآني ودلالته القطعية، {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (٢) ويجعل حكم اللَّه ورسوله المأمور به مثل الحكم الطارئ الذي حدث قبل بعثة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عند وضع الحجر الأسود، ويعمم ذلك تعميمًا ظالمًا جائرًا مؤداه: أن تحكيم الرسول كان عند قريش في شأن الحجر الأسود بعد أن اختلفوا فيه مجرد عادة كانت تحدث في بنية المجتمع آنذاك، الذي لم يعط محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاحية الحكم في غير هذه القضية، وهذا هو معنى الآية، ومدلولها -حسب جهله وكذبه- أي أنه لا حكم في الإسلام ولا حكم للإسلام مطلقًا، وأن الرسول لم يحكم إلَّا في قضايا محدودة، حسب العرف في عصره ذلك.

وهذا كله مغالطة مكشوفة، وجهل فاضح، ولكن العلمانيين لا يستحيون!!.

ويمضي أبو زيد في تطبيق جهالاته فيطالب بالمساواة بين الذكور والإناث في الميراث، ثم أحكام اللباس واللحية وطريقة الطعام تحت ستائر التضليل العلماني المهترئ، مثل الاحتجاج بدلالة مغزى النص (٣) الذي يريد به فتح المجال للاجتهادات العلمانية الحداثية!!؛ لكي تلعب بنصوص الشريعة كيف شاءت، ذلك أن "مغزى النص" يقوم عنده على إلغاء دلالته الظاهرة والمعهودة عند السلف والمعروفة عند المسلمين طوال تاريخهم، ومثل الاحتجاج بما يسميه المضمر والمسكوت عنه في النص (٤)، وهو نوع من التأويل الباطني الحداثي يسوقه ضمن فذلكة بنيوية متهافتة.


(١) المصدر السابق ٢/ ٤٠٢.
(٢) الآية ٦٥ من سورة النساء.
(٣) انظر: المصدر السابق ٢/ ٤٠٤، ٤٠٥.
(٤) انظر: المصدر السابق ٢/ ٤٠٥ - ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>