للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكرًا وأدبًا وحوار مثقفين، وندوة فكرية، وأمسية نقدية أو أدبية.

وإذا جيء بقول اللَّه تعالى أو كلام رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أو كلام أحد من علماء المسلمين أو مفكريهم قالوا هذه خطابية ووعظ، وكلام مدرسي، وإنشاء مدرسي، وربما قالوا: هذه أصولية وتطرف وإرهاب!!!.

كل ذلك لأن القوم قد أشربوا العجْل الحداثي وتعلقوا بالسامريّ العلماني، وأقعوا عاكفين عليها، حتى أصابتهم الذلة في عقولهم وقلوبهم فأصبحوا يرون الحق باطلًا ويسعون لحربه واجتنابه، ويرون الباطل حقًا ويسعون لنشره واتباعه وتكثير سواد أتباعه، {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (١٥٢)} (١).

وقد بدأت دعوى: أنه لا حكم في الإسلام من بدايات الاتصال بالغرب، اتصال التلمذة والشعور بالنقص، والتبعية المفعمة بتقليد الغالب المسيطر، حيث عاد المنهزمون إيمانيًا وفكريًا ليطرحوا فكرة عزل الدين عن الحياة على أساس أنها هي قاعدة التقدم والنهضة والرقي والازدهار!! حسب ما شُبَّه لهم، وحسب ما تلقنوه في الغرب، أو ما وصل إليهم من خلال المبتعثين والصحف التي كان يسيطر عليها نصارى الشام ومصر، من موارنة وأقباط.

وحيث إن هذه الطلائع في جو لا يسمح لها بإنكار الدين كله ومحاربته والسعي للقضاء عليه، أو لأنهم ما زالت عندهم بقية من اعتراف بالدين بصورة ممسوخة مجزوءة، فإنهم لم يعلنوا الحرب الشاملة عليه، كما هو حال العلمانيين اليوم.

ولذلك طرحت طلائع العلمانية فكرة أنه لا حكم في الإسلام، وكان من أبرز من دعا إلى ذلك رفاعة الطهطاوي، وعلي عبد الرازق (٢)، وخير


(١) الآية ١٥٢ من سورة الأعراف.
(٢) علي عبد الرازق، عالم مصري أزهري، سافر إلى إنجلترا ودرس في جامعة أكسفورد =

<<  <  ج: ص:  >  >>