للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحضاري المشوب بالتقاليد البدوية التي حملها معه زادًا من أرض نشوئه، فالإسلام حضارة كما غيرها من الحضارات، يقوم على قيم دائمة عادلة، ومشروعه في هذا المجال فحسب) (١).

أي أن الإسلام عنده -وفي أحسن الأحوال- جاء من عند اللَّه، وانتقل إلى الناس مشوبًا بالتقاليد البدوية، أي أنه من صنع البشر، وليس من وحي اللَّه تعالى؛ ذلك ليسقط عنه القداسة، تمهيدًا لإلغائه وإلقائه في ساحة التلاعب العلماني، ثم ليصل إلى القول بأن الإسلام المشاب بالتقاليد البدوية لا يتوافق مع العصر ولا مع الحضارة!!، وهذا ما صرح به قائلًا: (. . . إن عنينا باليقظة عودة لعادات وتقاليد الصحابة فذاك ضعف وعرقلة لكل تقدمية وسبيل للرجعية) (٢).

ويعبر حسن حنفي عن هذه العقيدة الباطلة بفتواه العلمانية في أن الحدود الشرعية ليست مطلقة (٣).

أمّا نصر أبو زيد فيتلاعب بالمفاهيم قائلًا بأن (الدين هو مجموعة النصوص المقدسة الثابتة تاريخيًا في حين أن الفكر الديني هو الاجتهادات البشرية لفهم تلك النصوص وتأويلها واستخراج دلالتها) (٤).

وهو قول طالما ردده العلمانيون في محاولة التواري لشن الهجوم على الإسلام من داخل الإسلام، فإذا قيل لهم في ذلك شيء قالوا نحن نناقش الفكر الديني، أمّا الإسلام فله قداسته: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} (٥).

ولكن اللَّه أخرج أضغانهم وفضح بواطنهم المظلمة، فها هو أبو زيد لم يستطع الاستتار بمقصده فقال: (وإذا كان الفكر الديني يجعل قائل


(١) المصدر السابق: ص ٨٣.
(٢) المصدر السابق: ص ٨٤.
(٣) انظر: الإسلام والحداثة: ص ٢٣٣.
(٤) قضايا وشهادات ٢/ ٣٨٤.
(٥) الآية ٣٠ من سورة محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>