للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس للعلماني إزاء هذه الحقيقة القاطعة إلَّا أحد موقفين:

إمّا أن يدعي بأن الإسلام ديانة روحية وقيم خلقية، وعقائد غيبية مجردة ولا ينظم إلَّا علاقة الفرد بربه، ولا علاقة له بما وراء ذلك من أمور الحياة، ومناشط البشر، وهذا من الكذب الجلي، والبهتان المكشوف؛ إذ الأدلة على عكس ذلك تمامًا، وقد علم الناس قديمهم وحديثهم وعالمهم وعاميهم أن الإسلام قد غطى بأحكامه وشرائعه كل أوجه الحياة، وجميع فروع المعاش، وهذا القول فيه تكذيب بآلاف الأدلة القطعية من القرآن العظيم والسنة النبوية، وفيه من الافتراء على العقل والحس والواقع والتاريخ ما لا يخفى على ذي بصيرة وعقل.

وإمَّا أن يدعي بأن أحكام الإسلام وشرائعه لم تعد صالحة للتطبيق في هذا العصر، أو أن الزمان قد تجاوزها، أو أن إخضاع الدنيا للدين مشكلة وكارثة، أو أن أحكام الدين قاسية وبشعة ولا تناسب عصر التحرر والانفتاح، وكفر المجترئين على هذه الأقوال مما علم بالضرورة من دين الإسلام، فقد جعل اللَّه إبليس في نار جهنم خالدًا فيها لرده على اللَّه أمرًا واحدًا؛ فكيف بالعلمانيين الذين يردون كل شرائع الإسلام، ويناقضونها، ويستكبرون على اللَّه وعلى دينه؟.

يقول المنيف بأن الدين مسألة شخصية، وليس له صفة الشمولية الكونية، ولا يُمكن قيام مجتمع على أساس ديني (١)، ويرى الخال أن الانحطاط والنهضة ارتبطت دومًا بمشكلة إخضاع الدنيا للدين، والمجتمع للشريعة (٢).

وينفث النصراني المتهود، الحداثي المناضل في فلسطين!! أميل حبيبي (٣)، أحقاده على الإسلام ونظامه في مواضع كثيرة، منها أنه لما سئل


(١) انظر: رأيهم في الإسلام: ص ٢١.
(٢) انظر: المصدر السابق: ص ٢٦.
(٣) أميل حبيبي، حداثي نصراني الأصل يهودي الانتماء، ولد في حيفا عام ١٩٢٢ م، =

<<  <  ج: ص:  >  >>