للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِ جَمِيعًا} (١)، وقال سبحانه عن عبادة الملائكة: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (٢٠٦)} (٢).

ولو ذهبنا نستقصي الأوامر والنواهي الشرعية فإننا نجدها -إضافة إلى هذا المعنى الأساسي- تشير من قريب أو من بعيد إلى خلق قويم أو تنهى عن خلق ذميم، فالمعاملات كلها قائمة على أساس الحق والعدل ومعلوم أن حب الحق أحد الأسس الأخلاقية العامة، وقائمة على مجانبة الظلم، وهذا مرتبط بالأخلاق أيضًا.

ومن تأمل أحكام البيع والإجارة والقرض وأحكام النكاح والطلاق، وأحكام الحدود الشرعية والقضاء، وجدها تدل على هذه المعاني الخلقية أوضح دلالة، وتدل في فرعياتها على فرعيات خلقية كثيرة، بل نجد فيها ألوانًا من الحكمة الخلقية والمقصد الخلقي لا يوجد في غيرها من أحكام القوانين الأرضية الجاهلية.

بل إذا تأملنا العبادات الشرعية المحضة مثل الشعائر التعبدية وجدناها تشير إلى معاني أخلاقية، فالصلاة -وهي الركن الثاني- قال اللَّه عنها: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (٣) والصيام قال عنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كلان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائم إني صائم" (٤).

وفي فريضة الحج قال اللَّه تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (٥).


(١) الآية ١٧٢ من سورة النساء.
(٢) الآية ٢٠٦ من سورة الأعراف.
(٣) الآية ٤٥ من سورة العنكبوت.
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب: حفظ اللسان للصائم ١/ ٨٠٦، والبخاري بنحوه في كتاب الصوم، باب: فضل الصوم ٢/ ٢٦٧٠، وأبو داود في كتاب الصوم، باب: الغيبة للصائم ٢/ ٧٦٨.
(٥) الآية ١٩٧ من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>