الإيمان، فيُظن أنه لا ترابط بين هذا وذاك، غير أنها في الحقيقة مترابطة، لكونها عائدة إلى الإيمان وهو في أساسه إذعان للحق واعتراف به وانقياد له، ومن هنا نقول بأن هذه الفصيلة الخلقية توجب القيام بهذه الطاعة من جهة أن اللَّه تعالى أمر بها، إذ الفضيلة الخلقية توجب طاعة اللَّه تعالى لأنه الخالق المنعم المالك الإله الحق المبين (١).
وخلاصة القول: أن الإيمان باللَّه تعالى وعبادته مما توجبه الأخلاق الفاضلة، ومن أولى الواجبات التي تفرضها مكارم الأخلاق، وأن الكفر باللَّه ورفض عبادته من أقبح رذائل الأخلاق؛ لأنه إنكار للحق من عدة وجوده: فهو إنكار لربوبية اللَّه تعالى -مع أن كون اللَّه تعالى رب لكل شيء وخالق كل شيء حقيقة قاطعة واضحة تفرض نفسها على كل منصف محب للحق- وهو جحود لألوهية اللَّه واستكبار عن عبادته، وهذا الجحد والاستكبار أشنع الرذائل الخلقية وأخبثها.
٦ - وفي الإسلام ارتباط بين العبادة والأخلاق، ذلك أن العبادة هي كمال المحبة مع كمال الخضوع للَّه -جلَّ وعلا-، والقيام بذلك واجب أخلاقي متحتم، وعدم القيام به كفر ورذيلة أخلاقه شنيعة.
والفضيلة الخلقية في العبادة باللَّه تعالى تفرض على الإنسان أنواعًا من السلوك الأخلاقي الراقي منها الإيمان باللَّه؛ لأنه الإله الحق، ومنها الاعتراف له بكمال الأسماء والصفات والأفعال، ومنها شكره على نعمة التي لا تحصى، وطاعة أوامره واجتناب نواهيه، وتصديق أخباره؛ ذلك أن طاعة من تجب طاعته، وتصديق من يجب تصديقه ظاهرة خلقية يدفع إليها حب الحق وإيثاره، وبغض الباطل واطرحه، والذين يستكبرون عن عبادة اللَّه تعالى محرمون من هذه الفضيلة الخلقية الجليلة، مقارفون لرذيلة خلقية شنيعة هي الاستكبار، كما قال تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ