للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الطعام، واللهاث خلف الظواهر الاقتصادية، وحصر إنساينة الإنسان في العبودية الخانعة للمال والتأليه الأعمى للمادة، وبناء على ذلك فالاقتصاد -عند الماركسيين أصحاب التفسير المادي-، أو البحث عن الطعام والشراب هو منبع كل عقيدة وتصور، وأساس كل قيمة وسلوك وخلق.

وقد تفرع عن هذه النظرية الحمقاء مصائب كثيرة عادت بالبلاء والهلاك على الناس الذين اتبعوها، على أنه يجب ألّا ننسى أن الإطار الفلسفي لهذه النظرية الهابطة مأخوذ من نظرية داروين، وأن المنهج التطبيقي منقول عن هذه النظرية الخرافية مع إضافة فرضيات فلسفية أخرى، ولا يصح أن ننسى مطلقًا أن هناك مصدرًا مهمًا لنظرية التفسير المادي الماركسي يتمثل في التراث اليهودي التلمودي والنفسية اليهودية، المشهورة بعبادتها للمال، وتأليهها للكسب، وحقدها الحارق على البشرية وقيمها وتراثها ومقدساتها.

وإذا أخذنا الأخلاق -وهي مجال حديثنا هنا- مثالًا للتفسير المادي الماركسي بخلفياته المادية الداروينية، وخلفياته اليهودية الساعية في الأرض فسادًا؛ وجدنا أصحاب هذا الاتجاه ينظرون إلى القيم والأخلاق بمنظارين:

أحدهما: أن القيم والأخلاق ليست سوى انعكاس للأحوال المادية والاقتصادية القائمة في أي وقت من الأوقات، وكل وضع اقتصادي أو مادي قائم هو الذي ينشيء كل ما يتعلق بالدين والأخلاق والأسرة، وكلما تغيرت الأوضاع الاقتصادية المادية تغير الدين والأخلاق.

يقول فردريك إنجلز: (إن الناس عن وعي أو لا وعي يستمدون مفاهيم الأخلاقية -في التحليل الأخير- من العلاقات العملية التي يقوم عليها وضعهم الطبقي، أي من العلاقات الاقتصادية التي ينتجون بها ويتبادلون فيها) (١).

وقول مجموعة من العلماء والأكادميين السوفييت في كتابهم الموسوعة الفلسفية تحت عنوان "الأخلاقية" (شكل من أشكال الوعي الاجتماعي


(١) نصوص مختاره من إنجلز: ص ١٥٩، جمع جان كانابا، ترجمة وصفي النبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>