للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلاقات الأخلاقية شيئًا يبزغ مرة وإلى الأبد، كما يعتقد المتافيزيقيون، وليست الأخلاقية من محض خلق العقل أو الروح، كما يؤكد المثاليون واللاهوتيون) (١).

ويقول إنجلز: (وهكذا فإننا نرفض كل محاولة لإلزامنا بأية عقيدة أخلاقية مهما كانت على اعتبارها شريعة أخلاقية أبدية، نهائية، وثابتة أبدًا، بحجة أن للعالم الأخلاقي أيضًا مبادئه الدائمة التي تنهض فوق التاريخ، وفوق الفوارق بين الأمم. . إنا ننادي على النقيض من ذلك بأن سائر النظريات الأخلاقية قد كانت حتى هذا التاريخ، في آخر تحليل، نتاجًا لأوضاع المجتمع الاقتصادية السائدة في زمنها) (٢).

ويقول أيضًا: (منذ اللحظة التي تطورت فيها الملكية الخاصة للأشياء المنقولة كان لابد لجميع المجتمعات التي تسود فيها هذه الملكية الخاصة أن يكون فيها هذه الوصية الأخلاقية المشتركة: لا تسرق، فهل يعني أن تصبح هذه الوصية وصية أخلاقية سرمدية؟ كلا أبدًا!، ففي مجتمع أزيلت منه دوافع السرقة. . . لا يُمكن أن يرتكبها مع مرور الزمن غير مجانين، كم سيضحك الناس من الواعظ الأخلاقي الذي يود أن يعلن على رؤوس الأشهاد الحقيقة السرمدية: لا تسرق.

ولهذا فإننا نرفض كل طمع بأن تفرض علينا أية عقائدية أخلاقية كقانون سرمدي نهائي لا يتزعزع بعد اليوم بذريعة أن لعالم الأخلاق هو أيضًا مبادئه الدائمة، التي هي فوق التاريخ والفوارق القومية) (٣).

هذه أصول نظرتهم إلى القيم والأخلاق في الناحية الفلسفية، أمَّا من الناحية التطبيقية فقد سعت الشيوعية إلى إبادة كل خلق إنساني أصيل باعتباره شيئًا من الفردية المحرمة، أو باعتباره حيلة برجوازية للاستغلال والسيطرة!!


(١) موسوعة الفلسفة: ص ١٤.
(٢) من الترجمة العربية لكتاب أنتي دوهرنج: ص ١١٤ - ١١٥ نقلًا عن كتاب مذاهب فكرية معاصرة لمحمد قطب: ص ٢٩٧ - ٢٩٨.
(٣) نصوص مختارة من إنجلز: ص ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>