للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قال اللَّه تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (١٨)} (١)، وقال -جلَّ وعلا-: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠)} (٢).

٢ - المزج بين الحداثة الإنتاجية والحداثة الفكرية مغالطة أخرى طالما كررها أتباع الحداثة وجعلوا ذلك ذريعة للوصول إلى مآربهم غشًا وتدليسًا، فإنه قد يوجد الإنتاج من مؤمن وكافر، وليس من شرطه لا عقلًا ولا واقعًا أنه لايصدر إلّا من كافر ملحد (بل قامت حضارة القرن العشرين في العلوم التطبيقية وفي العلوم البحتة على أكتاف متدينين -غير ملحدين- من المسيحيين واليهود) (٣).

٣ - جعله تعدد الآلهة والأرباب كما كانت عليه الوثنية اليونانية سببًا في التقدم والتحرر، وهذه مغالطة، فإن الإنسان مفطور على التعبد لشيء والخضوع لإله مّا، وهؤلاء الوثنيون الذين يشيد بتعدد آلهتهم ليسوا في الحقيقة إلّا قطيعًا من الأنعام أو الأناسيّ المرضى في عقولهم، فإنهم عوضًا عن التعبد لإله واحد أحد فرد صمد، تشعبت عبودياتهم وانفصمت عقولهم ونفسياتهم، وتناقضت حياتهم كما هو معروف من سيرهم وفلسفاتهم؛ وذلك لتناقض الأرباب التي اتخذوها من دون اللَّه {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} (٤).

٤ - قوله بأن اليونان جعلوا العلاقات مع أربابهم وآلهتهم مثل العلاقة بين البشر، هذه حقيقة، ولكنه أراد أن يخلص منها إلى الاقتداء بجهالات أهل الجاهلية ووثنيات أهل الخرافة فنعامل الإله الحق العظيم -سبحانه وتعالى- معاملة الملاحدة لأوثانهم التي ابتكروها من عند أنفسهم، وشتان بين من يتعجد لرب مالك متصرف إله عظيم تشهد بوجوده ووحدانيته وألوهيته كل الحقائق العقلية والحسية


(١) الآية ١٨ من سورة الإسراء.
(٢) الآية ٢٠ من سورة الشورى.
(٣) لن تلحد، لأبي عبد الرحمن بن عقيل: ص ٢١٢، وكان الأولى أن يقول: نصارى كما سماهم القرآن بدلًا من نسبتهم إلى المسيح عليه الصلاة والسلام.
(٤) الآية ٢٩ من سورة الزمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>