للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنس من الأمور المقدسة، ولذلك لا يجب أن يخدش هذا المقدس عنده بأي شيء ولو كان بالنكتة، ولعله فى تقديسه للجنس يمثل عقيدة بعض الطوائف الهندية التي تعبد فرج الرجل والمرأة، يقول الحاج: (وأكره النكتة، كذلك، لأنها معلبة، موجهة لتوليد "ضحك السهرات" الأكثر سخافة، وأمّا النكتة الجنسية فلأنها، فوق ذلك تهرج في موضوع مقدس، مهيب ككل آية هو الجنس) (١).

ومن هذا الهيام بالجنس استطرد واصفًا الأدب قائلًا: (يحاول الأدب لا محاكاة الطبيعة بل تقليد العناق الجنسي) (٢).

إن هذا الوصف ينطبق حقيقة على أدب الحداثة المغموس في بالوعات الجنس، كما أرادوا تنظريًا وتطبيقيًا وممارسة؛ ولذلك لم يُخف إنسي الحاج إعجابه بنظرائه من ذوي الانحطاط الخلق، وذلك في قوله: (إعجابي بمفرغي عبقرياتهم في الضياع، في العقم، (بالكسل، الكحول، المخدرات، النساء، الهرب، فيه حب لهم، فهمٌ لهم، وفهمٌ عبرهم، وعبر نموذجهم التبذيري، لرسالة ما عن حقيقة العلاقة التي يجب أن تقوم بين المبدع وعمله) (٣).

لا يتوقع من منغمس في الضياع والفساد والشر والرذيلة أن يصدر منه أقل من هذا، بيد أن المهم أن نستدل بهذا القول وأشباهه الكثيرة على أسس التصور الأخلاقي لدى أصحاب هذا الاتجاه.

وليس هذا قولًا فذًا، بل لهم في تمجيد الرذائل الخلقية الباع الكبير، والكلام الكثير (٤).


(١) المصدر السابق: ص ٩٩.
(٢) المصدر السابق: ص ١١٢.
(٣) المصدر السابق: ص ١٢٥، ونحو ذلك عند محمد الماغوط في الآثار الكاملة: ص ٥٩.
(٤) انظر أمثلة على ذلك في: الأعمال الشعرية لأدونيس ١/ ١٣٦، ١٤١، وزمن الشعر له: ص ٤٦، واتجاهات الشعر العربي المعاصر: ص ١٣٧، ١٣٨ - ١٣٩، ١٤٠، ١٤١، ١٤٣، ومجلة الناقد عدد ٩: ص ٨، والعدد الثامن عشر: ص ٤ - ٥، ١٨، وديوان =

<<  <  ج: ص:  >  >>