للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعايير الأخلاق وبراهين العقول ما يثقل كاهل هذا المغالط إذا كان يريد أن يتكلم ببرهان وليس بالدعاوى العريضة، ومن يطلع على تاريخ البشرية وتاريخ الأديان يجد أن الإنسان كلما قرب من الدين الحق كانت معاني الرقي العقليّ والخلقيّ فيه أكبر وأظهر، وكلما ارتكس في الوثنية والإلحاد كلما انعدمت فيه المعاني الراقية وأخلد إلى الأرض يتبع هواه ويسير على عمى وضلال، وليس دليلًا أظهر على هذا من حال الغربيين اليوم، فهم على ما وصلوا إليه من تقدم ماديّ محسوس، إلّا أنهم انحدروا في أخلاقهم وعقائدهم ونظم حياتهم إلى أهبط المستويات باعترافهم هم (١).

١٢ - تسمية الإسلام بالوحدانية التركية مغالطة دليل مفضوحة فإنه يستحيل -بيقين- أن تند عن ذهن هذا الكاتب الذي يتظاهر بالعلم والمعرفة والفلسفة أن يعلم أن الأتراك الذين فتحوا القسطنطينية كانوا مسلمين موحدين معتزين بذلك منتمين إليه فوق كل انتماء، وجهادهم لفتح القسطنطينية كان بالإسلام وللإسلام وليس للعرق التركي أو غيره.

١٣ - وصفه الحياة الغربية المعاصرة أو ما أسماه بالنهضة الأوروبية، بالوثنية والارتباط بالوثنية اليونانية، وأن الدعوة إلى الصيغة الوثنية واضحة كل الوضوح لدى رجال النهضة، هذا صحيح في مجمله وينقصه أن التصور الوثنيّ اليونانيّ ضارعه عند الغربيين التصور النصرانيّ والمشروع اليهوديّ.

١٤ - قوله بأن النواة الأساسية للحداثة المعاصرة إسقاط القداسة عن كل شيء، هذا صحيح وواقع.


(١) انظر على سبيل المثال: رواية ضياع في سوهو لكولن ولسن، وله أيضًا سقوط الحضارة: ص ٦، وص ٩، وص ١٠، وص ١٤، وص ٢٥، وص ٢٧، وص ٢٩، وص ٣٥، وص ٤٢، وص ٦١، وص ٦٤، وص ٦٧، وص ١٥٢، وغيرها كثير. وانظر له أيضًا: كتابه "رحلة نحو البداية" مليء بالشواهد في هذا الموضوع، وانظر: رواية "أنا" وهو للبرتو مورافيا، و"العجوز والبحر" لأرنست همنغواي، و"جولة في عالم التيه والضياع" لنجيب عبد اللَّه الرفاعي. وسيأتي في الفصل المختص بالأخلاق شواهد من هذه الكتب وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>