الخلقية، ذلك أن أسمى وأبرز مظاهر الكمال الخلقي الإيمان باللَّه تعالى وعبادته الذي توجبه فضائل الأخلاق الفكرية؛ لأن اعتناق الحق والاعتراف به والتزامه فضيلة خلقية تستند على العقل السليم والفطرة القويمة.
أضف إلى ذلك ما يترتب علي ضعف الإيمان أو اهتزازه أو انعدامه من فساد كبير في الأخلاق والسلوك والعمل.
فالمجتمع المؤمن يسعى في إيجاد الفضائل وتكميلها، وإلغاء الرذائل وتقليلها، والمجتمع الكافر عكس ذلك، وشواهد ذلك من التاريخ الإنساني كثيرة جدًا، كلها تنطق بأن المجتمع كلما اقترب من اللَّه إيمانًا وعبادة كانت فضائله الاجتماعية أكثر ودرجات السلوكية أرقى، وارتفاعه في سلم الأخلاق والآداب أسرع وأقوى وأمكن.
ومن تأمل قصص الأمم السالفة، وكيف كانت حياة المؤمنين وأخلاقهم وأعمالهم، وحياة الكافرين وأخلاقهم وأعمالهم وجد الفرق الهائل في مسيرة حياة المجتمع وفي مصيره.
ومن تأمل الحياة الاجتماعية المعاصرة للغرب، وما وصلت إليهم حياتهم من جراء النظرة المادية التي قادتهم إلى اعتبار الإنسان مادة مجردة من الروح معزولة عن الوجدان، مفصولة عن القيم والآفاق العالية، وهنا ماج المجتمع في بعضه كما تموج القطعان، حيث بطل تميزه الإنساني واختصاصه وانتظم في سلك الحيوانية الهابطة، بناء على اعتقادهم أن الإنسان ليس له إلّا طبيعة واحدة محدودة بحدود المادة والجسد، وموجه بغرائزه، وخاصة، غريزة الجنس.